قَالَ: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ:«اقْسِمُوا»، فَقَالَ الَّذِي رَقَى:«لاَ تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا»، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ:«وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ»، ثُمَّ قَالَ:«قَدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا» فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - (رواه البخاري).
(فَاسْتَضَافُوهُمْ): طلبوا منهم الضيافة. (فَلُدِغَ): ضربته حية أو عقرب.
(الرَّهْطَ): ما دون العشرة من الرجال. (لَأرْقِي): من الرُّقْية وهي كل كلام استشفي به من وجع أو غيره. (جُعْلا): أجرة. (فصَالَحُوهم): اتفقوا معهم.
(قَطِيع): طائفة من الغنم. (يَتْفِل): من التفل وهو النفخ مع قليل من البصاق.
(نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ) فك من حبل كان مشدودًا به. (قلَبة) عِلّة. (وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ) ما الذي أعلمك أنها يرقى بها. (وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا) اجعلوا لي منه نصيبًا.
يقول ابن القيم عن نفسه:«مكثتُ بمكة مدة يعتريني أدواء ولا أجد طبيبًا ولا دواءً فكنت أعالج نفسي بالفاتحة، فأرى لها تأثيرًا عجيبًا، فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألمًا فكان كثيرٌ منهم يبرأ سريعًا».
ثم يقول - رحمه الله -: «ولكن هاهنا أمر ينبغي التفطن له، وهو أن الآيات والأدعية التي يستشفى بها ويرقى بها هي في نفسها نافعة شافية، ولكن تستدعى قبول المحل وقوة همة الفاعل وتأثيره. فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل أو لعدم قبول المنفعل».