يقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَبْتَلِي عَبْدَهُ بِمَا أَعْطَاهُ، فَمَنْ رَضِيَ بِمَا قَسَمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ بَارَكَ اللهُ لَهُ فِيهِ وَوَسَّعَهُ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ لَمْ يُبَارِكْ لَهُ»(رواه الإمام أحمد، وصححه الألباني).
إن العبرة ليست بما تملك من مقومات المادة، وليست العبرة بما تملك من طاقات وقُدرات، ما الفائدة إذا سلبت البركة من كل ذلك.
إن القليل من المادة، والقليل من الطاقات مع بركة الله، تفعل الأعاجيب.
فأنت قد تُعطَى الملايين، لكن تُنْزَع منها البركة، تجد شقاءها في الدنيا قبل الآخرة، تملك الملايين لكن لا تتمتع بها لأن البركة منزوعة، وقد لا يكون معك إلا راتبك، لكن يبارك الله في هذا القليل فتعيش حياة الملوك أنت وأولادك.
رجلان: الأول له عشرة من الولد، والثاني ليس له إلا بنت واحدة.
تُنزع البركة من الأول، فهؤلاء العشرة لا ينفعونه بشيء، بل ربما عانوا هم سبب المتاعب التي يعيشها، والنكد الذي يعيشه، ربما مَرِضْ ولا أحد من العشرة يُحس به، أو يلتفت إليه يمر اليومان والثلاثة والأسبوع، ولا أحد يسلم عليه؛ إنهم عشرة، لكن بدون بركة.
والثاني يطرح الله البركة في هذه البنت، فتكون قرة عينيَ والديها في الدنيا، تقوم بحقهما، وترعى شؤونهما مع أنها متزوجة ولها بيتها ومسئولياتها، ومع ذلك هي على صلة مستمرة بهما يوميًا، على الأقل ترفع سماعة الهاتف كل ليلة قبل أن تنام لكي تطمئن عليهما، إنها المنحة الإلهية التي لا تُشترى بالمال، ولا يجلبها الملك والسلطان وإنما هي بيد من بيده ملكوت كل شيء.
واعلم يا عبد الله، بأن الله لو فتح لك باب البركة فأبشر بكل خير، مع قلة الراتب، وضيق المسكن، وانعدام الولد، وضعف الجاه.