للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستجيب الملك لأوامر الغلام استجابة الضعيف المضطر فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهمًا من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال: «بِاسْمِ اللهِ رَبِّ الْغُلَامِ».

استجاب الملك لأوامر الغلام لأنه وجد نفسه أمام ثلاثة أمور:

١ - إما أن يترك الغلام يدعو بدعوته كيفما شاء، وهذا الحال كان سينتهي بإيمان الناس.

٢ - وإما أن يستمر في تأكيد عجزه عن ذلك وتتأكد للناس قوة الله الذي يحمي الغلام، وكان هذا الحال أيضًا سينتهي بإيمان الناس.

٣ - والأمر الثالث وهو ما اختاره الملك، والذي انتهى بقتل الغلام وأيضًا آمن الناس، فقد أراد الله أن يؤمن الناس وأن تعلو كلمته وقضى بذلك سبحانه وحكم ولا راد لقضائه ولا معقب لحكمه.

حقيقة قدرية هائلة:

«ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ». هذه العبارة تتضمن حقيقة قدرية هائلة. حقيقة الربط بين السبب والنتيجة وهي لحظة الفرق بين الضرب بالسهم وموت الغلام حيث يقول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -: «ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ». فلم يَمُتْ. لم يتحقق ربط السبب بالنتيجة.

«فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ». وقد كانت هذه الحقيقة القدرية الأخيرة التي تتحدد بها العلاقة بين السبب والنتيجة. سبقها عدة حقائق.

ففي القصة النتيجة التي تتحقق بعكس مقصود البشر من السبب فنفس الغلام الذي أراد البشر أن يكون داعية للضلال. يريد الله أن يكون داعية للحق، وفي نفس طريق الغلام إلى الساحر يلتقي بالراهب ويجلس إليه ويسمع منه ويعجبه كلامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>