للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله - سبحانه وتعالى - لا يصلح عمل المفسدين:

قال تعالى: {فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (٨١)} (يونس: ٨١).

{فَلَمَّا أَلْقَوْا} حبالهم وعصيهم، إذا هي كأنها حيات تسعى، فـ {قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ} أي: هذا السحر الحقيقي العظيم، ولكن مع عظمته {إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} فإنهم يريدون بذلك نصر الباطل على الحق، وأي فساد أعظم من هذا؟!!

وهكذا كل مفسد عمل عملًا واحتال كيدًا، أو أتى بمكر، فإن عمله سيبطل ويضمحل، وإن حصل لعمله روَجَانٌ في وقت ما، فإن مآله الاضمحلال والمحق.

وأما المصلحون الذين قصْدُهم بأعمالهم وجه الله تعالى، وهي أعمال ووسائل نافعة، مأمور بها، فإن الله يصلح أعمالهم ويرقيها، وينميها على الدوام، فألقى موسى عصاه، فتلقفت جميع ما صنعوا، فبطل سحرهم، واضمحل باطلهم.

الله - سبحانه وتعالى - يعلم المفسد من المصلح:

قال تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} (البقرة:٢٢٠). فيجازي كل إنسان بما يستحق، وهذا يقتضي أن يميز بينهما في الثواب والجزاء، ويشمل ذلك الإفساد الديني، والدنيوي، والإصلاح الديني، والدنيوي، ويشمل الذي وقع منه الإفساد، أو الصلاح.

وقال تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٢) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (٦٣)} (آل عمران:٦٢ - ٦٣).

أى فإن أعرضوا عن اتباعك وتصديقك بعد هذه الآيات البينات والحجج الواضحات التى أخبرناك بها وقصصناها عليك، فأنذرهم بسوء العاقبة، وأخبرهم أن

<<  <  ج: ص:  >  >>