للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والموازين، وهو - عليه الصلاة والسلام - الحليم الرشيد.

{قَالَ} لهم شعيب: {يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} أي: يقين وطمأنينة، في صحة ما جئتُ به، {وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا} أي: أعطاني الله من أصناف المال ما أعطاني.

{وَمَا} أنا لا {أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} فلست أريد أن أنهاكم عن البخس، في المكيال، والميزان، وأفعله أنا، وحتى تتطرق إليَّ التهمة في ذلك. بل ما أنهاكم عن أمر إلا وأنا أول مُبْتَدِرٍ لتَرْكِه.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ} أي: ليس لي من المقاصد إلا أن تصلح أحوالكم، وتستقيم منافعكم، وليس لي من المقاصد الخاصة لي وحدي، شيء بحسب استطاعتي.

ولما كان هذا فيه نوع تزكية للنفس، دفع هذا بقوله: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ} أي: وما يحصل لي من التوفيق لفعل الخير، والانفكاك عن الشر إلا بالله تعالى، لا بحولي ولا بقوتي. {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} أي: اعتمدتُ في أموري، ووثقْتُ في كفايته، {وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} في أداء ما أمرني به من أنواع العبادات، وفي هذا التقرب إليه بسائر أفعال الخيرات.

وبهذين الأمرين تستقيم أحوال العبد، وهما الاستعانة بربه، والإنابة إليه، كما قال تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} (هود: ١٢٣) وقال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (الفاتحة: ٥).

المؤمن المصلح يستعين بالله على المفسدين:

قال تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (٢٨) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>