للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الأعراف: ٥٦): «قال أكثر المفسّرين: لا تفسدوا فيها بالمعاصي، والدّعاء إلى غير طاعة الله، بعد إصلاح الله لها ببعث الرّسل، وبيان الشّريعة، والدّعاء إلى طاعة الله؛ فإنّ عبادة غير الله والدّعوة إلى غيره والشّرك به هو أعظم فساد في الأرض، بل فساد الأرض في الحقيقة إنّما هو بالشّرك به ومخالفة أمره.

فالشّرك والدّعوة إلى غير الله وإقامة معبود غيره، ومطاع متّبع غير رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - هو أعظم فساد في الأرض، ولا صلاح لها ولا لأهلها إلّا بأن يكون الله وحده هو المعبود المطاع، والدّعوة له لا لغيره، والطّاعة والاتّباع لرسوله ليس إلّا، وغيره إنّما تجب طاعته إذا أمر بطاعة الرّسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، فإذا أمر بمعصيته وخلاف شريعته فلا سمع له ولا طاعة.

ومَن تدبّر أحوال العالم وجد كلّ صلاح في الأرض فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وكلّ شرّ في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدوّ وغير ذلك فسببه مخالفة رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، والدّعوة إلى غير الله ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -» (١).

أعداء الإسلام الذين يحاربون شرع الله - سبحانه وتعالى - يقلبون الموازين ويتهمون دعاة الشريعة بالإفساد:

قال تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (٢٦)} (غافر: ٢٦).

هل هناك شيءٌ أطْرَفُ من أن يقول فرعون الضال الوثني، عن موسى رسول الله - عليه السلام -: { ... إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}؟!! أليست هي بعينها كلمة كل طاغية مفسد عن كل داعية مصلح؟ أليست هي بعينها كلمة الباطل الكالح في وجه الحق الجميل؟ أليست هي بعينها كلمة الخداع الخبيث لإثارة الخواطر في وجه الإيمان الهادئ؟


(١) التفسير القيم، لابن القيم (ص ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>