ومنها إزالة المفاسد والمنكرات من المجتمع كما يقضي به الإسلام، إذ لا يمكن الادعاء بحفظ الدين مع ترك المفاسد والمنكرات بلا إنكار ولا إزالة مع توفر القدرة على ذلك.
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا المقصد من مقاصد الحكم الإسلامي، قال تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١)} (الحج: ٤٠ - ٤١).
{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} أي: يقوم بنصر دينه، مخلصًا له في ذلك، يقاتل في سبيله، لتكون كلمة الله هي العليا. {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} أي: كامل القوة، عزيز لا يُرام، قد قهر الخلائق، وأخذ بنواصيهم، فأبشروا، يا معشر المسلمين، فإنكم وإن ضعف عَدَدُكم وعُدَدُكم، وقوي عَدد عدُوكم وعُدّتهم فإن ركنكم القوي العزيز، ومعتمَدَكم على من خلقكم وخلق ما تعملون، فاعملوا بالأسباب المأمور بها، ثم اطلبوا منه نصركم، فلا بد أن ينصركم. قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}(محمد:٧)، وقوموا، أيها المسلمون، بحق الإيمان والعمل الصالح، فقد قال تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(النور:٥٥).
ثم ذكر علامة من ينصره، وبها يُعرَف، أن من ادعى أنه ينصر الله وينصر دينه، ولم يتصف بهذا الوصف، فهو كاذب فقال:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ} أي: ملّكْناهم إياها، وجعلناهم المتسلطين عليها، من غير منازع ينازعهم، ولا معارض،