{أَقَامُوا الصَّلَاةَ} في أوقاتها، وحدودها، وأركانها، وشروطها، في الجمعة والجماعات.
{وَآتَوُا الزَّكَاةَ} التي عليهم خصوصًا، وعلى رعِيّتِهم عمومًا، آتوها أهلَها الذين هم أهلُها، {وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ} وهذا يشمل كل معروفٍ حُسْنُه شرعًا وعقلًا من حقوق الله، وحقوق الآدميين، {وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ} كل مُنكَرٍ شَرعًا وعقلًا معروفٌ قُبحُه، والأمر بالشيء والنهي عنه يدخل فيه ما لا يتم إلا به، فإذا كان المعروف والمنكر يتوقف على تعلم وتعليم، أجبروا الناس على التعلم والتعليم، وإذا كان يتوقف على تأديب مقَدَّر شرعًا، أو غير مُقَدَّر، كأنواع التعزير، قاموا بذلك، وإذا كان يتوقف على جَعْل أناسٍ مُتَصَدّين له، لزم ذلك، ونحو ذلك مما لا يتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا به.
{وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} أي: جميع الأمور، ترجع إلى الله، وقد أخبر أن العاقبة للتقوى، فمَن سلّطه اللهُ على العباد من الملوك، وقام بأمر الله، كانت له العاقبة الحميدة، والحالة الرشيدة، ومَن تسَلطَ عليهم بالجبروت، وأقام فيهم هوى نفسه، فإنه، وإن حصل له ملك مؤقت، فإن عاقبته غير حميدة، فولايته مشئومة، وعاقبته مذمومة.
المقصد الثاني: سياسة الدنيا بالدين:
إن هذا المقصد يعني أن الدنيا داخلة في نطاق الدين، محكومة به، غير خارجة عنه. والقول الجامع في سياسة الدنيا بالدين هو إدارة شؤون الدولة والرعية على وجه يحقق المصلحة ويدرأ المفسدة، وهذا يتم إذا كانت إدارة شؤون الحياة وفقًا لقواعد الشريعة ومبادئها وأحكامها المنصوص عليها أو المستنبطة منها وفقًا لقواعد الاجتهاد السليم. فهذه هي السياسة الشرعية لأمور الدنيا بالدين.