للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاتجاه التجديدي]

أولاً: نجد الآن في المسلمين ما يسمى بالاتجاه التجديدي، وقد ظهر في بعض الدعوات الإسلامية.

هذا اتجاه عقلاني خطير، وإن كان أصحابه فعلاً يُعرفون بالخير والصلاح والتقوى وحسن النية، لكنهم يفقدون الفقه في الدين، ليس فيهم علماء متضلعون في الشرع، فلذلك يأخذون الدين بالأهواء والعواطف وهم لا يشعرون، فهؤلاء ظهر فيهم الاتجاه التجديدي العقلاني الخطير، ويتضّح هذا الاتجاه في بلاد السودان، كالاتجاه الذي يتزّعمه الترابي، هو اتجاه عقلاني اعتزالي خالص، فهو يأخذ بمبدأ التجديد الذي يعني: ترك مناهج السلف، وإنشاء مناهج جديدة تناسب المسلمين في العصر الحديث، لذلك أتباع هذه الحركة لا يتورعون عن بعض الأشياء، مثل: مسألة الاختلاط في الجامعات وغيرها، هذه أمور لا تهمهم، بل منهم من يرى أن الاختلاط بين الرجال والنساء ضرورة، وهم في السودان يحملون لواء أقوى دعوة إلى هذا الاتجاه العقلاني الخطير، وواجب طلاب العلم في هذا البلد خاصة أن يناصحوا أولئك؛ لأنهم ليس فيهم علماء، هذا أمر نعرفه جيداً، ليس فيهم علماء، ليس فيهم فقهاء في الدين، إنما هم مفكرون، والتفكير لا ينفع بدون الاهتداء بهدي الله، بل هو سبب الضلالة، ما أضل كثيراً من عباد الله الذين ضلوا إلا بسبب أن الله أعطاهم فكراً فاستخدموه بغير هدى، والناس الذين تفكيرهم بسيط أغلبهم على السنة والهداية؛ لأن تفكيرهم لا يرجع بهم إلى الأهواء الشيطانية؛ فلذلك أقول: إن هؤلاء فيهم خير لكن ليس عندهم فقهاء في الدين، وبينهم وبين أصحاب الفقه في الدين جفوة.

أيضاً يوجد هذا الاتجاه في تونس، وعلى رأسه الداعية راشد الغنوشي، هذا أيضاً رجل فيه إخلاص وفيه خير، لكن ما عنده فقه في الدين، ولا يعرف مناهج السلف بدقة من خلال ما ظهر من قبله، فعنده اتجاه عقلاني تجديدي يشبه اتجاه ما في السودان.

هناك أيضاً اتجاهات في البلاد الأخرى لست بحاجة الآن إلى أن أتكلم عنها تفصيلاً؛ لضيق الوقت، يعني: الآن هناك بعض التوجهات خرجت مثل: مجلة المسلم المعاصر، وأيضاً جريدة المسلمون فقد بدأت تبرز هذا الاتجاه بقوة، ومعهد الفكر في أمريكا الآن بدأ يتبنى هذا الاتجاه، وهو يقوم عليه بعض المفكرين الإسلاميين إن صح التعبير، وبدأت بوادر هذا الاتجاه عندنا على ألسنة بعض الدكاترة الذين عندهم حماس في الدعوة وعندهم حماس في نشر الخير، لكن ليس عندهم فقه في الدين، وإنما عندهم ثقافة إسلامية، وهذه الثقافة هي التي ضرت أكثر مما نفعت؛ لأنها أوجدت الغرور في الناس، يأخذ كثير من العلوم الإسلامية من خلال المجلات والصحف ويلتقطها من ألسنة المتكلمين ومن الإذاعة ومن التلفاز، ويظن أنه بذلك صار عالماً، فصار يتكلم في التجديد الفكري الإسلامي وفي أصول خطيرة جداً، أقول: هذه الاتجاهات بدأت بوادرها عندنا على أيدي بعض الدعاة الذين ليسوا متفقهين في الدين، ولا يرجعون إلى أهل العلم، ومع الأسف أن بعضهم يحتقر العلماء، وهذه بادرة خطيرة يجب أن نتناصح فيها، وأن نبادر لئلا تستفحل؛ لأنها بدأت على ألسنة أناس مخلصين وجادين في الدعوة، وفيهم من النشاط القوي، وعندهم قدرة على التأثير، فلذلك ينبغي أن نتنبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>