أولها: ما دخل على قلوب كثير من المسلمين، وعلى أعمالهم ومفاهيمهم وأفكارهم ومعارفهم من أفكار وافدة، شككتهم في أصول دينهم، وفي مناهج السلف، وفي سبيل المؤمنين، ثم ما طرأ على كثير من المسلمين من الخلل في أصول تلقي الدين، وتلقي العلم الشرعي.
فقد كان المسلمون منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى وقت قريب يستمدون الدين عن القدوة، وما كان أحد من الناس يخالف هذه البدهية، بل كانت الأمة ترجع إلى الراسخين في العلم وإلى أهل الذكر كما أمر الله عز وجل، لكن في الآونة الأخيرة، ولكثرة مصادر التلقي غير النقية، ولهيمنة البدع على قلوب بعض الناس وأعمالهم، ولكثرة الأهواء والافتراق، ولشيوع المذاهب الهدامة بين كثير من المسلمين؛ اختل هذا الأصل، فصار الناس لا يدرون ولا يفهمون، وربما يجهلون عمن يأخذون الدين.
كما أن كثيراً من أبناء المسلمين صار عندهم استقلالية في التلقي، وبعضهم أخذه التعالم والتعالي، فبمجرد ما يحصِّل الواحد منهم القليل من العلم؛ يظن أنه بذلك استغنى عن العلماء، فيستقل؛ فلا يأخذ عن القدوة وهو موجود بحمد الله في المسلمين إلى قيام الساعة؛ لأن الله تكفل بذلك.