يضطرب الشباب كثيراً بسبب اتخاذ مواقف لا توافق ما أملوه من علمائهم، فما تنصح به؟ وهل من الممكن احتواء الشباب دائماً مع تكرر هذه المواقف؟
الجواب
هذا من الابتلاء، وهذه الصحوة كما قلت لكم صحوة وليدة ومراهقة، ولم تنضج، ولن تصل إلى مرحلة الرشد إلا بتجاوز مثل هذه العقبات بروية وحكمة وأناة وصبر.
أما ما يتعلق بالعلاقة بالمشايخ والعلماء فمشايخنا هم مشايخنا وعلماؤنا مهما حدث منهم، ذلك لأنهم بشر والبشر يخطئ ويصيب، وربما ما حدث لحكمة يعلمها الله، منها ألا يتصور البعض العصمة في المشايخ، وأنهم لن يخطئوا، هذا أمر.
الأمر الآخر: ينبغي ألا نسلم أن ما أقر به غالبية الناس من تصرف للمشايخ ينبغي أن يحكم عليه بأنه خطأ (١٠٠%)، فربما يكون صواباً من وجه، وربما يكون عن اجتهاد والمجتهد مأجور، وربما يكون التصرف أو القول أو الحكم من طائفة من العلماء مبنية على تصورات معينة تختلف عن تصورات الشباب، ومنطلقات تفكيرهم.
ثم إن البشر يعتريهم شيء من الضعف، وشيء من التقصير، وشيء من الأخطاء التي لابد أن يقعوا فيها وإن كانوا علماء، فلذلك لا نفترض في علمائنا العصمة، بل يجب أن نحسن فيهم الظن، وأن نعرف أن ما يصدر عنهم من توجيه وإرشاد إنما يقصدون به مصلحة الشباب ومصلحة الأمة، سواء وافقوا ما نريد أو لم يوافقوا، وسواء كان هذا هو الصواب أو لم يكن هو الصواب في نظر الكثيرين.
ثم إن آراء مشايخنا -وعلمائنا وهذا هو اعتقاد أهل السنة والجماعة في الأمور الاجتهادية- ليست آراء ملزمة، إنما هي آراء تسترشد بها الأمة.
والآراء الملزمة إنما تكون في القرارات الخطيرة التي تتعلق بمصالح الأمة، والتي يجب الاجتماع عليها، أما ما عدا ذلك فهو أشبه بتوجيهات الكبار للصغار، وعندما يكون هناك شيء من الاختلاف في النظرة بين المشايخ والشباب، فربما يكون من المناسب أن يكون هناك شيء من القسوة كقسوة الأب على ابنه، ومع ذلك قد يجور الأب وهو لا يشعر.
أما ما يحدث من مشايخنا فأنا على يقين أنه كان عن حسن ظن، وعن محاولة لدرء مفاسد وجلب مصالح، وأمور أخرى أكثرنا لا يعلمها، فيجب أن نحسن الظن، وأن نبقى على الفأل حتى لو حدث مثلما حدث، أو ما يحدث مستقبلاً، يجب أن نوطن أنفسنا على ضرورة ضبط الأعصاب، وعلى ضرورة التحلي بالصبر، وعلى ضرورة الإنصاف في الحكم مع مشايخنا، فلا نسيء بهم الظن وإن أخطئوا، وعلينا التسديد والنصح والإرشاد والالتفاف حولهم، وقطع خط الرجعة على من يريد أن يحول بينهم وبين الصحوة، ويفرق بين الصحوة ومشايخها.