ثانياً: ضرورة تخلص هذه الصحوة وتخليصها من البدع والمحدثات في الدين، فالنبي صلى الله عليه وسلم حذر من ذلك فقال:(وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).
وبما أن هذه الصحوة هي جزء من المسلمين، وهي وإن كانت فيها سمات الرغبة في السنة، وسمات الرغبة في العقيدة السليمة إلا أنها نبتت في منابت قد تكون البدعة موجودة فيها أصلاً، فكثير من بلاد المسلمين هيمنت فيها القبورية، وهيمنت فيها البدع في العادات، والبدع في العبادات، والبدع في الأحوال، وبدع المزارات والمشاهد، وبدع الموالد.
وكثير من بلاد المسلمين أيضاً وجدت في أرضها الفرق الضالة كالرافضة والصوفية، فإذا كان الأمر كذلك فلا نستغرب وجود مظاهر هذا الانحراف والابتداع في بعض شرائح الصحوة، وهذا يعني: أنه لا بد أن نؤكد على ضرورة تخليص هذه الصحوة ما دامت في مهدها وفي طفولتها وفي بدايتها، وقبل أن تترعرع وتنشأ على الضلالة أو على الانحراف والافتراق لا بد من تخليصها من هذه البدع والمحدثات.
ولعل الحديث يتوجه إلى شباب هذا البلد أكثر من غيرهم، وذلك لأسباب: أولها: أننا بحمد الله هنا في هذا البلد تقل فينا البدع والمحدثات، فالمجتمع في عمومهم -بحمد الله- على السنة، والصحوة أيضاً صحوة قامت على السنة، ورفعت شعار السنة في هذا البلد، وتملك أيضاً مقومات العقيدة السليمة ونشرها والدعوة إليها علماً وعملاً بوجود الاعتقاد المؤسس في القلوب بحمد الله.
والعلم أيضاً الموروث، من خلال المؤلفات والدروس، ومن خلال النتاج العلمي الذي هو ثمرة من ثمار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
هذه الثمرة تحملنا مسئولية كبرى نحو المسلمين عموماً، ونحو الصحوة على وجه الخصوص، فلا بد أن يتحمل شباب هذا البلد مسئوليته، ولا بد أن يؤدي دوره، ولا يحقر أحد منكم نفسه فكلكم مسئول؛ لأنكم تملكون -بحمد الله- العقيدة السليمة الصافية.
والمسلمون أحوج ما يحتاجون إليها الآن، لاسيما بعد دخول هذه الشعوب في الإسلام، دخول هذه الأفواج في الدين بعد ضلال وتيه طويل، وقد بدءوا في التدين من الصفر كما يقال، فيحتاجون إلى تنشئتهم على الفطرة وعلى العقيدة السليمة، وما لم تفعلوا ذلك فلن تبرأ ذممكم، ولا تتصوروا أن الناس سيأتيهم التوجيه من السماء بوحي غير ما أنزله الله، وما أنزله الله من الحق والهدى أنتم أكثر من يترسمه ويهتدي به، فلتتقوا الله في المسلمين، ولتتقوا الله في الأمة، ولتتقوا الله في الإسلام، ويجب عليكم أن تؤدوا ضريبة ما أنعم الله به عليكم.