الحادي عشر: الأعياد والاحتفالات، والمهرجانات التي لم ترد في الشرع، ومعروف أنه لم يرد إلا عيد الأضحى وعيد الفطر؛ فإن كثرة الأعياد من دين أهل الكتاب والكفار والمشركين والمجوس، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد المسلمون بأكثر من عيدين، وقال الله تعالى في صفة عباد الرحمن:{وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ}[الفرقان:٧٢]، قال كثير من مفسري السلف: المقصود بالزور أعياد المشركين، والأعياد من الشرائع والتعبد، وهي عبادة توقيفية لا يجوز الزيادة فيها ولا النقص عما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم فيها.
فلو أحب أحد من الناس -مثلاً- أن يضع للأمة عيداً ثالثاً مهما كانت مناسبته فإن هذا من تشريع غير ما شرعه الله، وكذلك لو أحب أحد من الناس أن يلغي عيداً من الأعياد التي شرعها الله فإن ذلك تشريع أيضاً ولا يجوز، بل إنه كفر؛ لذلك منع الرسول صلى الله عليه وسلم أهل المدينة من إحياء بعض أعيادهم وأيامهم القديمة، فقد أخرج أبو داود وأحمد والنسائي بإسناد صحيح على شرط مسلم عن أنس قال:(قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الأضحى والفطر)، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: اجتنبوا أعداء الله في أعيادهم.
فالعيد مهما كان مبرره لا يجوز الزيادة فيه ولا النقص، فكل مناسبة تأخذ اهتماماً من المسلمين في زمن دوري كأن يكون كل شهر أو كل سنة أو كل سنتين أو كل خمس أو كل عشر، وكل مناسبة تلتزم بها الأمة في زمن معين وعلى هيئة معينة فإنها تكون عيداً ولو لم تسم عيداً، ويدخل ذلك من باب الأولى ما يسمى بالأعياد الوطنية أو أعياد العروش، أو أعياد المناسبات أو أعياد الانتصار، أو أعياد الفصول أو غيرها من الأعياد، ومن ذلك ما يسمى أيضاً بالأسابيع إذا اتخذت شكلاً تلتزم به الأمة أسبوع كذا وأسبوع كذا ما لم يتغير هذا الأسبوع من وقت إلى وقت فإنه يدخل في باب التعييد، وهو بذور الابتداع، حتى ولو فطن الناس في وقت تشريع هذا الأمر إلى الأمور الشرعية والمحاذير فإنه ستأتي أجيال لا تفطن، وقد تأخذ هذه الأمور على أنها من اللوازم على الأمة، وكل ما ألزم الناس به أنفسهم مما لا يلزم شرعاً فإنه يكون تشريعاً، سواء سمي عيداً، أو سمي يوماً، أو أسبوعاً، أو شهراً، أو مناسبة، أو احتفالاً، أو مهرجاناً، أو غير ذلك، كل هذه الأمور لا شك عند أهل العلم أنها من المحذور وهي من التعييد الممنوع.