للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم إقامة الاحتفالات الجماعية للأطفال والكبار في عيدي الفطر والأضحى]

السؤال

ما رأيكم في أن تقام احتفالات في عيدي الفطر والأضحى تكون فيها المقالات والمحاضرات والطرائف المفيدة والألغاز والأناشيد الجماعية للأطفال من الجنسين تحت سن السابعة، والأولاد الكبار بشرط عدم اعتبارها تعبداً، وذلك لكي يعرف العالم أن في ديننا فسحة، مع العلم أن القائمين عليها من أهل الدين والصلاح، وهو أفضل من ترك ذلك، فينشأ فراغ؛ لأن طبيعة الناس يبحثون عن التسلية في أيام العيد، فإذا تركه أهل الخير استغل الفسقة ذلك الفراغ، فعملوا احتفالات محرمة؟

الجواب

هذا سؤال متقن، وأشكر السائل على اهتمامه بهذه المسألة، وقبل أن أجيب عليه ينقدح في ذهني الآن منشأ هذا السؤال، فأقول: ما منشأ هذا السؤال؟ والجواب: إذا كان القصد هنا إظهار الفرح والتعاون والتعاطف وإفشاء السلام ولعب الأطفال ومرحهم فيما بينهم، والاجتماع للصلاة، والاجتماع على المائدة، أعني: مائدة الأعياد المباحة، فهذا أمر واقع.

وأخشى أن يكون هناك نزعة عند بعض الناس لتنظيم هذه الأمور بشكل يتدرج إلى المحظورات وهم لا يشعرون، وقصص كثيرة مما تقع فيها الأمة من بدع ومن محدثات، وما تقع فيه الأمة من الفسق والفجور وإظهار الفواحش هو عن طريق استعمال المشروع للتدرج إلى غير المشروع.

مع أنه واقع فعلاً أن الناس يلبسون أحسن الملابس، ثم يجتمعون للصلاة في مصليات العيد، ثم بعد صلاة العيد يهنئ بعضهم بعضاً، ويسلم بعضهم على بعض، ثم يتزاورون فيما بينهم، فيتزاور الجيران وأهل الحي الواحد، والأقارب فيما بينهم، ويسافر بعضهم لبعض عند الحاجة، ثم بعد ذلك يتيحون الفرصة للأطفال بنين وبنات يلعبون مع بعضهم في حدود السن التي لا يحرم فيها الاختلاط، هذا هو الواقع.

لكن أن تنشأ مؤسسات تعمل على هذا، بمعنى: أننا نجعل لهذا نظماً وطرائق، فأرى أن هذا خروج عن مقتضى الفطرة هذا أولاً.

ثانياً: أنه يبعدنا عن البساطة والبراءة التي عليها الناس.

ثالثاً: أنه سيدخل أساليب وطرقاً ونظماً تجرُّ الناس إلى المهلكات، وإلا فما أشار إليه السائل هو الواقع ولا داعي لأن نقترحه، ولا أن نعمل عليه، ولنبقى على ما نحن عليه بحمد الله، ونحن على السنة في العيد بحمد الله، ولا تزال السنة في الأعياد هي الظاهرة، والناس يصلون ويجتمعون ويهنئ بعضهم بعضاً، ويتكاتفون ويتعاونون، ويلعب الأطفال ويظهرون شيئاً من المرح، والعيد قد يجوز فيه أحياناً ما لا يجوز في غيره، مثل مرح الأطفال، وإنشادهم الأناشيد والأغاني المباحة التي ليس فيها إسفاف ولا تبذل، وكل هذا يجوز في العيد ما لا يجوز في غيره.

فإذاً: المسألة بحمد الله واضحة، ولا داعي لأن نتكلف إحداث سبل ووسائل يكون فيها المحظور، وبالعكس فما أعرف أن الأمة يوم العيد تعاني من فراغ، بل العكس هو الصحيح، فالناس يضيق عليهم يوم العيد، وخاصة عيد الفطر، فيضيق عليهم للسلام وتبادل الهدايا وتبادل الأفراح، والتزاور والتكافل، ويضيق عليهم الوقت بسبب تباعد المسافات الآن في المدن، أما في القرى فالأمر أسهل.

وإنما الوقت الذي يضيع ويهدر، ويشعر فيه الإنسان بفراغ، هو وقت وفراغ طائفة من الفساق الذين لا يشاركون المسلمين الصلاة، ولا يشاركونهم الأفراح، فهؤلاء فعلاً يشعرون بالفراغ القاتل، لكنهم بحمد الله هؤلاء قلة، وهؤلاء مشكلتهم ليست في عدم وجود إظهار السنن في الأعياد، وإنما مشكلتهم هي في البعد عن المسلمين، واعتزالهم الجماعة، وعكوفهم على معاصيهم وفسقهم وفجورهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>