[الاستدلال بالآثار الضعيفة للاعتضاد بها لا للاعتماد عليها]
ثالثاً: قد يستدل السلف بعد الاستدلال بالقرآن والثابت من السنة بالأدلة والآثار الضعيفة لا للاستدلال بها، ولكن للاعتضاد، فليس عند السلف شيء من الاعتقاد إلا ويعتمد على دليل صحيح ثابت، أو على الإجماع الذي يقوم على الدليل، وهذه القاعدة لا تتخلف، ويجب أن يعتمدها طلاب العلم؛ لحماية العقيدة من تخريب المخربين، وهي أن العقيدة كلها بل الدين كله لا يعتمد إلا على الدليل الصحيح، وليس عند السلف شيء من الدين يعتمد على غير الدليل الشرعي الصحيح.
وقد يشكل على بعض الناس: أن السلف في كتب السنة -خاصة كتب الآثار وبعض المسانيد وبعض السنن، ما عدا الصحاح- قد يوردون الأدلة والآثار الضعيفة؛ فيظن بعض الناس أن هذا للاستدلال، وليس كذلك وإنما لعضد الدليل الأصلي، فما من قضية من قضايا الدين ولا أصل من أصول له إلا وله دليل صحيح من الكتاب أو السنة، أو من الإجماع الذي يعتمد على الكتاب والسنة، أو من القواعد التي استمدت من مجموعة من الأدلة أو من دليل، فما قرره السلف من أصول الاعتقاد فهو مستند على دليل صحيح ثابت.
واستدلالهم بعد ذلك بالأدلة الضعيفة وبالروايات والآثار وبالرؤى أحياناً والمنامات والقصص أحياناً؛ كل ذلك من باب عضد الدليل، لا من باب الاستدلال والاستقلال؛ فيجب أن يتنبه طلاب العلم لهذه المسألة، لأن بعض دعاة الفتنة بدءوا يثيرون هذه القضية، ويقولون: إن السلف يحشدون في كتبهم وفي كتب السنن والآثار والمصنفات شيئاً كثيراً من الروايات والأسانيد الضعيفة.
ونقول: هذا ليس للاستدلال، إنما هو للاعتضاد، ومن باب حشد الدلالات وتقوية الدليل.