الموضوع الخامس: في أحكام التشبه: أحكام التشبه على جهة التفصيل لا يمكن استقراؤها؛ لأن كل حالة من أحوال التشبه تعرض على النصوص وعلى قواعد الشرع، لكن هناك بعض الأحكام العامة التي تنظم جميع أنواع التشبه في الجملة لا على جهة التفصيل.
فمن أنواع التشبه بالكافرين ما هو شرك أو كفر، كالتشبه في العقائد، والتشبه في بعض العبادات، وكالتشبه باليهود والنصارى والمجوس في الأمور المخلة بالتوحيد والعقيدة، كتقديس الأشخاص من الأنبياء والصالحين وعبادتهم ودعاؤهم من دون الله، وكتحكيم الشرائع والنظم البشرية، كل ذلك إما شرك وإما كفر، ومن التشبه ما هو معصية وفسق، كتقليد الكفار في بعض العادات، ومنه ما هو مكروه، وهو ما تردد الحكم فيه بين الإباحة والتحريم على سبيل عدم الوضوح في الحكم، يعني: قد تتردد بعض أنماط السلوك والعادات والأشياء الدنيوية بين الكراهة وبين الإباحة، فهذا دفعاً لوقوع المسلمين بالتشبه يكون حكمه مكروهاً، ويبقى
السؤال
هل هناك من أفعال الكفار ما هو مباح؟ أقول: إن المباح هو ما ليس من خصائصهم من أمور الدنيا ولا أثر لهم فيه، بمعنى: لا أثر لهم عقدي أو أخلاقي، وهو من الأمور التي تحكم سلوك عامة البشر، أو من الإنتاج المادي البحت الذي لا يلحق المسلمين في تقليدهم فيه ضرر، وهذا يدخل في باب المباح، بل أحياناً يجب على المسلمين أن يستفيدوا مما عند الكفار في علوم الدنيا البحتة، والمقصود بالبحتة: ما لا يوجد له فيه توجيه أو أثر يصادم النصوص أو القواعد الشرعية أو يوقع المسلمين في الذلة والصغار، فما كان كذلك فإنه يدخل في باب المباحات.
إذاً: أمور العقائد والعبادات والأعياد تحريم التشبه بالكفار فيها قطعي، وما كان دون ذلك من قبيل العادات فإن كان من خصائصهم فهو حرام، وإن لم يكن من خصائصهم فالحكم فيه يتردد بين التحريم والكراهة والإباحة، وما كان من قبيل العلوم والأمور المادية البحتة كالصناعات والأسلحة وغيرها فهذا الأمر فيه مباح إذا قيد بالقيود السابقة.