[حكم تسمية المعارضين لشرع الله بعقولهم بالعقلانيين]
السؤال
لماذا لا نسمي هذه الفئة باسم أهل الأهواء كما كان السلف يسمونهم بخلاف تسميتهم بالعقلانيين؛ فإن هذا الاسم أولاً فيه ذم ومدح لهم، ثم إنه يوحي بأنهم فئة جديدة في التاريخ الإسلامي رغم أن لهم أصولاً قديمة، ثم إن الأصول السليمة دلّت على قصور العقل عن الإحاطة بكل شيء، وهذا ينافي تسميتهم بالعقلانيين، أفيدونا أفادكم الله؟
الجواب
في الحقيقة كلمة (العقلانيين) ليست اسماً إنما هي وصف لهم، ولذلك ليست مشتهرة، ولا ينبغي أن تشتهر على أنها هي الاسم لهم، فهم أوصافهم أوصاف شرعية، لكن من سماتهم ومن أصولهم: العقلانية، فلذلك كلمة العقلانية لا تعرف إلا عند المتخصصين الباحثين؛ لأنهم يرون من عدة وجوه أنهم أصحاب الباطل، ولهم عدة صفات وعدة توجهات: من توجهاتهم: العقلانية في الاستدلال، أو من أصولهم: العقلانية في الاستدلال، فإذا سميناهم بالعقلانيين لا يعني أن اسمهم العقلانيين؛ لكن لأنهم يعتمدون على العقل دون الشرع، لا الاعتماد الفطري الصحيح الذي هو تسخير العقل فيما وظّفه الله له، وإنما أقحموا العقول فيما لا تدرك، وأقحموا العقول في الاعتراض على شرع الله.
إذاً: فهذه صفة ليست اسماً ولا ينبغي أن تكون هي اسمهم، يسمون بالمنافقين كما سماهم الله، ويسمون بأهل الأهواء كما أشار الله إلى أهل النفاق، ويسمّون أيضاً بأهل الرأي في مقابل أهل السنة، ويسمّون بالفرق أو أهل الافتراق، ويسمّون الآن بالعلمانيين، وهذا المصطلح لا يزال يحتاج إلى شيء من الإيضاح والتفصيل عند الناس، كلمة علمانية لا يعرفها أغلب الناس، العلمانية: هي النفاق بأسلوب جديد، وأيضاً العلمانيون أغلب أحكامهم أحكام المنافقين، فالمنافقون منهم المنافق الخالص ومنهم المذبذب لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومنهم ومنهم.
بمعنى أنه ليس كل نفاق هو الخروج من الملة، قد يكون من المنافقين من لم يخرج من الملة، لكنه مفسد في الأرض عاص، فلذلك هم أحسن أوصافهم في هذا الوقت: العلمانيون.
وممكن أيضاً أن نتدرج في إفهام الناس معنى العلمانية حتى نصفهم بالمنافقين، وهذا هو الوصف الشرعي الذي ينبغي أن نستقر عليه، لكن بعد أن يفهم الناس ما معنى العلمانيين؟ ومن هم؟ وما صفاتهم؟ والغالب أن العلمانيين من الصعب تشخيصهم بأشخاصهم؛ لأنهم كالمنافقين يتلونون ويظهرون ما لا يبطنون، وأغلبهم يدسون على المسلمين دساً، الصريح منهم ممكن يُعرف، لكن أغلبهم لا يُعرفون، إنما الله سبحانه وتعالى وصفهم بقوله:{وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ}[المنافقون:٤] عجيب كلامهم إذا قرأته، وعندما كنا حديثي عهد بمقالات بعضهم، تجدهم مقالات عجيبة تسمع لها، تعجبك في أصالتها وفي عمقها، لكنها ضلال، {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ}[المنافقون:٤] هذه الأيام بعض الناس بدأ يبتعد إذا سلم عليهم متدين، مع أنه ما قال له شيء، لكن كما قال تعالى:{يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}[المنافقون:٤] هذا هو الوصف الشرعي لهم.
فهم إذاً: أهل الأهواء وهم المنافقون، لكن ومع ذلك بالمناسبة أحب أن أنبه لأمر مهم جداً، أنا أرى بعض الناس بدأ يتعجل للإشارة بالأصابع إلى أناس، فهناك من يقول: هذا علماني أو هذا غير علماني، لا، فالمسألة تحتاج إلى شيء من التروي، فليس كل علماني ينبغي التشهير به، وليس كل منافق ينبغي التشهير به؛ لأن أغلب المنافقين مذبذبون، وإذا شهّرت صار عدواً، وربما إذا سترت عليه قد تأخذه بالنصيحة والموعظة مستقبلاً، أو ربما يتبين له الحق؛ لأن العلمانيين الخلّص عدد قليل جداً في المجتمع الآن، فالقواد والرواد والمخططون وأصحاب الأفكار عدد قليل جداً، والبقية رعاع من رعاع المنافقين، فينبغي ألا نساعد الشيطان عليهم، ينبغي أن نتروى ونتثبت، أما الذين شهروا أنفسهم أعداء لله ورسوله فهؤلاء لا بد من فضحهم وبيان عوارهم؛ لكن هذا لا بد أن يكون بالحكمة وبالاسترشاد بأهل الذكر وأهل العلم.