من ذلك أولاً: أنه ليس في العقيدة أصل ليس له دليل، وما ليس له دليل فليس بعقيدة، ليس هناك في العقيدة إلا ثوابت تقوم على يقينيات الأدلة، فما كان دليله محتملاً أو ليس له دليل لا يدخل في العقيدة، وإن دخل عند أهل الأهواء والبدع لا يدخل عند أهل السنة، ومن هنا فأهل السنة والجماعة ليس في ثوابتهم وقطعياتهم وليس في أصول الدين عندهم، وليس في العقيدة أصل من الأصول ليس له دليل قطعي، أو قاعدة تستنج من دليل أو مجموعة أدلة، قد يشتبه الأمر على بعض الناس في وجود مسائل أدرجها علماء السنة في كتب العقيدة وليست يقينية، نقول: هذه جاءت بالتبع، هذه مسائل علمية لحقت بموضوع العقيدة من الناحية الموضوعية، لكن الثوابت ثوابت والأصول أصول، ليس عند أهل السنة ما ليس له دليل، ويستتبع ذلك مسلّمة أخرى، ليس عند أهل السنة ما يختلف عليه عندهم على الإطلاق، لا يوجد أصل من أصول العقيدة عند أهل السنة قديماً وحديثاً يختلفون عليه، أما أنه قد يزل عالم أو يجهل جاهل هذا ليس هو ميزان، نحن نتكلم عن المنهج ولا ننظر إلى أقوال الجاهلين ولا إلى زلات العلماء؛ لأنه لا معصوم إلا النبي صلى الله عليه وسلم، نتكلم عن الجمهور والجملة لا يوجد أصل من أصول الدين إلا عليه دليل، لا يوجد أصل من أصول العقيدة إلا عليه دليل، ولا يوجد أصل من أصول العقيدة يختلف عليه السلف، ولن يختلفوا عليه إلى قيام الساعة، ولو اختلفوا اختل الدين وما وجد الناس مصدراً للحق، ثم يتبع ذلك أن الدين هو ما شرعه الله وشرعه رسوله صلى الله عليه وسلم، وسبق الكلام عن هذا.
عقيدة أهل السنة والجماعة توقيفية صادرة عن الأدلة، قطعية أدلتها صحيحة، المتفق عليها ويجمع عليها أهل السنة والجماعة، ومن هنا يتفرّع عن هذا تأصيل هو: أنه ليس في عقيدة أهل السنة والجماعة إضافات، وليس فيها ردود أفعال، وليست من صنع عالم أو علماء، وليست اجتهاد أو اتفاق مجموعة أو ثلة من الناس سموا أنفسهم: السلف وأهل السنة والجماعة أبداً، بل هي نهج الحق، نهج النبي صلى الله عليه وسلم، هي الكتاب والسنة، لا تنتمي إلى رجل ولا إلى إنسان ولا إلى طائفة أبداً، وتسميتها بالسنة والجماعة تسمية شرعية وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم حينما ذكر الاختلاف قال:(فعليكم بسنتي) ثم قال: (وعليكم بالجماعة).
إذاً: السنة والجماعة مصطلح شرعي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لا غبار عليه، ليس من صنع العلماء ولا من صنع الأحزاب ولا الفرق ولا المذاهب الأربعة ولا غيرها، وليس ردود أفعال، ولا من صنع الحكام، ولا عمالة للدول، كما يقول بعض المفتونين: إن خلفاء بني أمية وبني العباس جمّعوا حولهم شلّة من العلماء وسموا أنفسهم كلهم طائفة أهل السنة والجماعة، هذه سذاجة وغباء واستغفال، هل الحق هكذا يحصر بدولة وبشلل؟ نعوذ بالله من ذلك.