ثانياً: الاستعانة بالجن، وهذا أكثر ما وقع من الذين تجاوزوا الضوابط الشرعية، الاستعانة بالجن واستنطاقهم والتحاور معهم، والاتفاق معهم على أن ينفعوا عندما يحتاج إليهم الراقي، وهذا من الاستمتاع المحرم الذي ذكره الله عز وجل في قوله:{رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا}[الأنعام:١٢٨] ثم قال: {النَّارُ مَثْوَاكُمْ}[الأنعام:١٢٨]؛ لأنهم وقعوا في خطأ الاستمتاع بين الفريقين، لا يجوز الاستمتاع بالجن؛ لأنهم غيب وأحوالهم غيب وعبثهم أكثر من الإنس، وكذبهم أكثر من صدقهم، بعض الناس يقول: لا، هؤلاء الجن صالحون، ثق أن الجني الذي يتعاون معك عاص، ثق بأن الجني الذي يتلبس بالإنسي فاسق، فكيف يكون صالحاً وهو يؤذي الإنسي؟! نعم قد يكون صالحاً في أمور كثيرة، لكن بعمله هذا قد وقع في الإثم العظيم، ووقع في كبيرة من كبائر الذنوب، فكيف تتعامل معه؟! كذلك: تصديق الجن والتسليم لهم بما يقولون، هذا من كبائر الذنوب، نعم وقعت حالات معينة من بعض السلف، والنبي صلى الله عليه وسلم حدثهم وقال:(اخرج عدو الله)، (اخسأ عدو الله)، لكن ما نعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وسلف الأمة كانوا يقولون: لماذا أتيت إلى هذا الإنسان؟ وماذا تريد؟ وإذا كان قد آذاه أحد: من الذي حسده؟ من الذي سحره؟ لأن هذا أمر غيبي، ولا ندري هل هو جني صالح أو شيطان أو من مردة الجن أو من غيرهم، حتى وإن ادعى الصلاح، وكما قلت: حتى لو كان يدعي أنه مسلم، فاعلم أنه بهذه الوسيلة صار فاسقاً فكيف تثق به؟! كيف تستنطقه؟! كيف تصدقه؟! فلا يجوز هذا على الإطلاق، وإن كان فيه فرج ومخرج لبعض الناس، فهذا من الابتلاء، كما قال الله عز وجل:{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}[الأنبياء:٣٥]، هذا من الابتلاء ومن الاستمتاع المحرم.