[حكم استخدام التاريخ الميلادي وإغفال التاريخ الهجري]
السؤال
نلاحظ أن استخدام التاريخ الميلادي بدأ يفرض نفسه، وللأسف على المستويين الرسمي والخاص، فما حكم استخدامه والإصرار عليه مع إغفال التاريخ الهجري؟
الجواب
إن استخدام التاريخ الميلادي هو نوع من التبعية للكفار، لكن حكمه لابد فيه من التفصيل؛ لأنه قد يجوز أحياناً استخدامه لحاجة تقتضيها مصلحة المسلمين في مصالحهم الدنيوية، أو علاقاتهم مع الأمم الأخرى، أو لضبط أوقات تقتضي الأحوال والمصلحة ذلك.
فلذا من وجوه التفصيل: أنه إذا وضع التاريخ الميلادي مرادفاً للتاريخ الهجري فأرى أنه لا مانع من ذلك، كأن تؤرخ الصحف والمجلات، أو الأمور التي تقتضي أن نتعامل فيها مع الدول الأخرى، كالخطابات التي تذهب إلى الخارج، والمواعيد التي ترتبط فيها الدول -المواعيد الدولية- فيبدأ فيها بالتاريخ الهجري ثم بالتاريخ الميلادي، وهذا هو الأصل، فيقال: يوم كذا من الهجرة، الموافق ليوم كذا من الميلادي، فهذا لا مانع منه إذا كان لمصلحة.
كذلك: استعمال التاريخ الهجري لأمور تخصنا في هذا البلد، كتواريخ الأغذية المصنعة في البلد، كالألبان وغيرها، والمنتجات المحلية، فأرى أنه من الذل والصغار والانهزامية أن نؤرخ بالتاريخ الميلادي، حتى وإن كان بيننا كفار قد ابتلينا بوجودهم لضرورة معينة، فينبغي أن يعرفوا تاريخنا ولا نخضع لتاريخهم.
ولذا فينبغي أن تكون التواريخ المتعلقة بأحوالنا الداخلية كلها بالهجري دون استثناء، سواء ما يتعلق بقرارات، أو ما يتعلق بمنتجات، أو ما يتعلق بمواعيد، أو مناسبات علمية إلى غير ذلك.
لكن الملاحظ الآن أنهم يبدءون بالتاريخ الميلادي في كثير من المؤسسات، كالطيران وغيرها، ويبدو لي أنهم يبدءون بالتاريخ الميلادي لسببين: الأول: أن هناك من يتعمد إثارة هذه المسألة، وإرغام المسلمين على تواريخ غيرهم، وهناك طائفة من المسلمين فيهم غفلة واستغفال، ويظنون أن هذا نوع من إظهار التطور، وإظهار التقرب إلى الكافرين بأي نوع من أنواع التقرب، وهذا ربما قد يكون عن جهل أو عن غفلة، لكن هناك من يتعمد ذلك.
الثاني: أن بعض العمال في هذه المؤسسات التي تؤرخ بالميلادي هم أصلاً من غير المسلمين، أو من المسلمين الذين لا يعرفون التاريخ الهجري؛ بسبب تأثير الاستعمار ومسخ الاحتلال لكثير من مظاهر الإسلام في البلاد الإسلامية الأخرى، فهم لا يعرفون من التاريخ إلا الميلادي، ومن هنا قد يصعب على بعضهم أن يتعرف على التاريخ الهجري، لكن هذا لأن هناك تفريطاً من الإدارات والجهات المسئولة، والذي أعرفه أن التعاليم الصادرة من قبل الدولة توجب الاهتمام بالتاريخ الهجري واستعماله قبل التاريخ الميلادي، أو استعماله مفرداً، وبناء عليه كل من يعمل بالتاريخ الميلادي أو يتجاهل الهجري تجاوز الأنظمة.
وعلى المسئولين على الأنظمة أن يتقوا الله في هذا، وأن يلاحظوا هذا التجاوز الذي يضر بدين الأمة وعزتها وهيبتها وكرامتها.
وأما استخدام التاريخ الميلادي المجرد فلا شك أنه لا يجوز؛ لأنه -كما تعرفون- تبعية للغير.