هناك من الأمور العملية للإسلام هي من ثوابت الدين غير أركان الإسلام الخمسة، مثل: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا من ثوابت الدين ومن خصائص الأمة:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}[آل عمران:١١٠]، ثم أيضاً أوجبه النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من رأى منكم منكراً فليغيره) الأمر أمر وجوب، ثم إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جاء في نصوص قطعية كثيرة، ثم يأتي بعض المتحذلقين والمفتونين بدعوى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذا مسلك شخصي لبعض المتدينين الذين عندهم نزعة حادة ضد الآخر، والذين لا يقبلون الرأي الآخر، وأثروا على كثير من الشباب المتدينين، هل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رأي ورأي آخر؟ هذا مسلك طائفة تريد أن تفرض كما يشاع الآن في وسائل كثيرة الآن أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبارة عن قناعات أشخاص بتقاليد وآراء شخصية متزمتة، يريدون أن يفرضوها على الآخرين، هذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عندهم، ويتذرعون بممارسات بعض الذين يقعون في خطأ مقصود وغير مقصود، فهل هذا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ لا، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبدأ شرعي، بل هذا الذي يفسّر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بهذا التفسير الخاطئ هو نفسه يجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ليست وظيفة طائفة، نعم، في مجال الحسبة التي تتعلق بالدولة لا شك أن هذا واجب تقوم به الدولة من خلال جهاز كما هو موجود في هذه الدولة المباركة، والحمد لله أن يوجد جهاز اسمه جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتولى واجبات ولي الأمر تجاه هذا الأمر، لكن على الأفراد أيضاً الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل بقدر استطاعته بالحكمة وبشروطه، هذا لا يُعفى منه أحد.
إذاً: من ثوابت الدين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن خصائص هذه الأمة، ومن أسباب دفع البلاء عن الأمة، أنا أعتقد جازماً أن من أسباب دفع كثير من البلايا التي أحاطت بهذا البلد المبارك من خلال التاريخ الذي عشناه، كثير من البلايا التي دفع الله عنا، كان من أسباب دفعها العمل بشرع الله في القضاء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو ضمانة بإذن الله في دفع البلاء عن الأمة، لو وجدت طائفة تقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو كانت ضعيفة ولو كانت قليلة الإمكانات، ولو كانت فيها ما فيها من القصور، إلا أنه بمجرد وجود هذا المبدأ الشرعي العظيم فهو خير عظيم لو قارناه بعدمه.