[التزام الجماعة الشرعية ونبذ الفرقة]
سادساً: مما ينبغي أن تعنى به الصحوة: التزام الجماعة ونبذ الفرقة، التزام الجماعة بمعانيها الشرعية، ونبذ الفرقة أيضاً بكل معاني الفرقة التي تشتت الشمل، وتفرق الكلمة، وتوهن المسلمين، وتذهب ريحهم.
والتزام الجماعة في نظري يتحقق بأمور، منها: أولاً: الالتفاف حول العلماء والدعاة المخلصين، فالعلماء هم القدوة، والعلماء هم الأسوة، والعلماء هم أهل الحل والعقد، وهم أهل الولاية، والعلماء تتمثل فيهم الجماعة، وجماعة المسلمين لا بد أن تتمثل في العلماء، ومن هم على سمت العلماء من العامة وطلاب العلم، وأي دعوة بلا علماء فإن مصيرها إلى الانحراف أو الفشل أو هما معاً.
هذا أمر تقتضيه ضرورة الدين، إذا لم يكن العلماء هم المرجع وهم الذين تجتمع عليهم الصحوة ويتحقق فيهم معنى الجماعة الشرعي فإنه لا معنى لوجود الجماعة بلا علماء، ولا معنى لوجود الدعوة والصحوة بلا علماء، ولا معنى لهذه الجفوة المفتعلة المتكلفة التي استغلها أعداء الإسلام بين العلماء وبين الشباب والدعاة.
وكم استفاد خصوم الدعوة إلى الله من هذا المرض النفسي في الشباب: جفوة المشايخ والعلماء، وكما قلت: لا نفترض في المشايخ العصمة، علمهم وتقواهم وفضلهم يكفي، وما يوجد فيهم من أخطاء يوجد في غيرهم، وإن وجد عند العلماء تجاوز وظلم وخطأ أو شيء من الحسد فهذا في غيرهم أكثر، هذا أمر لا بد منه، إن وجد في العلماء تقصير وفي المشايخ تقصير فالتقصير في غيرهم حتماً أكثر، هذا بالنسبة للمجموع، أما الأفراد فحكمهم إلى الله.
إذاً: الالتفاف حول العلماء هو أول معاني الجماعة التي أوجبها الله وحذر من تركها الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: غرس الألفة بين شباب الصحوة، بدل ما يحصل الآن من غرس التنافر ومن وجود التنابز والسباب، ومن وجود القدح والنقد للمسلمين بعضهم لبعض، فينبغي أن نسلك الطريق الآخر وهو غرس الألفة والتراحم بين المسلمين وحسن الظن فيما بينهم، ويجب أن نعذر المخطئ، وأن نلتمس له الأعذار؛ لأن أكثر ما يوجد التنابز ليس فيما بين أهل السنة والفرق؛ لأن هذا أمر بين ولا يسمى تنابزاً، إنما هذه مفاصلة بين الحق والباطل، لكن أقصد التنابز بين من هم من أهل السنة، يوجد شيء من التنابز بالألقاب والاتهامات، هذا من جماعة كذا، وهذا على طريق كذا، وهذا فكره كذا، وهذا نهجه كذا، وكل ذلك إنما هو من باب التفريق وليس له حقيقة، إنما أغلبه في الأمور الاجتهادية لا يجوز التنابز بها ولا التعادي عليها.
ثالثاً: من معاني التزام الجماعة ومن ركائزها كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو نهج السلف: طاعة كل من له حق الولاية الشرعية من ولاة الأمور بالمعروف.
هذا من أبرز معاني الجماعة، بل هو من السمات الظاهرة للجماعة، والتي بينها النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً، في أحاديث كثيرة وحذر من الإخلال بها، طاعة من له حق الولاية الشرعية من ولاة الأمور بالمعروف.
رابعاً: الحذر من مواطن الفتن والشقاق ومواطن التفريق بين المؤمنين.
إذاً: من أبرز معاني الالتزام بالجماعة: الالتفاف حول العلماء، وغرس الإلفة بين شباب المسلمين وبين المسلمين عموماً، وطاعة من له حق الولاية الشرعية بالمعروف، والحذر من مواطن الفتن والشقاق والتفريق بين المؤمنين.