وسادساً: من السمات الظاهرة في بعض شباب الدعوة وشباب الأمة: الغلو في الدين، والتشدد الذي يصل أحياناً إلى سلوك مسلك الخوارج، وأحياناً يكون دون ذلك.
ولاشك أن مظاهر الخوارج وسمات الخوارج موجودة في فئات قليلة بحمد الله، كما أن مظاهر التشدد والغلو في الدين وبذور الفرقة موجودة في قطاع من شباب الأمة، وهو إن كان قليلاً، لكن القلة يجب ألا يستهان بها، فإن الخوارج الأولين كانوا قلة ومع ذلك أتعبوا الأمة في العصور الفاضلة، فكيف في هذه العصور المتأخرة التي ضاع فيها كثير من معالم الحق عن الناس.
وكما أسلفت فإن المسئول الأول عن وجود مظاهر الغلو والتشدد والعنف هو الأنظمة العلمانية والمظاهر العلمانية، وتمكن العلمانيين من مقاليد الأمة، وما فعلوه وأوصلوا الأمة إليه من رفض شرع الله تعالى، والصد عن دين الله، وإشاعة الرذائل، ومطاردة أهل الفضيلة، وفرض الكفر على الأمة بالحكم بغير ما أنزل الله، وما يستتبع ذلك من مظاهر الكفر والشرك والانحراف، والفساد الخلقي والاجتماعي، والفساد الاقتصادي وغير ذلك مما ساد في الأمة حتى أصبح من المعضلات الكبرى التي يئس الناس من حلها إلا بقدر من الله.
أقول: إن المسئول الأول عن وجود مظاهر التشدد والعنف هي الأنظمة التي تتحدى الإسلام، فإذا زالت مظاهر هذا التحدي فلاشك أن مظاهر العنف ستخف، وربما يكون القضاء عليها سهلاً؛ لأن العقلاء إذا كان لهم دور في الحل والعقد استطاعوا أن يقضوا على مثل هذه المظاهر إذا لم تكن موجباتها أكبر من استطاعتها.
أما الآن: فإن موجبات التشدد وموجبات العنف أكبر من أن يستطيع أهل الإصلاح القضاء عليها بين عشية وضحاها.