حادي عشر: من سلبيات هذه الصحوة: الاستهانة بمبدأ النصيحة الواجبة شرعاً بمعناها الشامل، أعني: النصيحة لله تعالى، ولكتابه، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولأئمة المسلمين وعامتهم.
وتبرز أخطر جوانب الإخلال بالنصيحة في عزوف بعض الدعاة والمصلحين عن مناصحة ولاة الأمور، أو السلاطين أو الولاة بشتى أشكالهم وأنواعهم، فإن العزوف عن هذه المناصحة مخالفة لسنة من أعظم سنن الهدى التي كان عليها سلفنا الصالح.
والمناصحة لابد أن تكون بأسلوبها المناسب، ولابد أن تؤدى حتى ولو رفضت، وأن تكرر حتى ولو صدت، وأن تكون بكل وسيلة يستطيعها الفرد، أو تستطيعها الجماعات، أو يستطيعها أهل الحل والعقد، فإن من أعظم جوانب التقصير الإخلال بهذا الجانب، بل أخطر من ذلك اعتقاد بعض الناس أن الولاة إذا كانوا ظلمة أو فجرة أو عصاة لا يناصحون، أو أنه لا تجوز مناصحتهم، أو أن مناصحتهم لا تفيد، وهذا مبدأ خطير يخالف الأصول التي عرفناها وعلمناها عن سلفنا الصالح، فإن المناصحة واجبة لكل من ولاه الله أمر المسلمين حتى لو لم يكن حقيقاً بالولاية، فلابد مناصحته بكل وسيلة، وبأسلوب مناسب، ولابد من تكرار المناصحة وإن لم تفد، فإن المناصحة واجبة شرعاً، وهي حق من الحقوق، ثم إنها مدفعة للبلاء، ومجلبة للخير، وبها الإعذار من الله سبحانه وتعالى، ويتحقق بها الأجر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام بالواجب ممن يسدون النصيحة.