أولاً: سرعة الانتشار والظهور في كل مكان، فكان الناس يظنون إلى وقت قريب أن عوامل نهضة المسلمين ورجوع بعض الشباب إلى الإسلام وتوبتهم وتلمسهم لطريق الهداية أن ذلك من أعمال الدعاة، أو من أسباب عمل الدعاة، لكن حقيقة أن الذي يسبر أحوال المسلمين ويسبر هذه الصحوة في منابتها وفي أماكنها يجد أنها تنبت في كل مكان، حتى في الأماكن العفنة تظهر نبتات طيبة دون أن نجد أسباباً ظاهرة، إنما هي هداية من الله سبحانه وتعالى، وهي تعبير عن شعور المسلمين بالإفلاس من كل الأنظمة والشعارات والحزبيات والقوميات التي تخبطوا فيها في العصر الماضي أو في العصور الماضية القريبة، بل نجد مظاهر هذه الصحوة في أماكن أحياناً لا يوجد فيها داعية إلى التوحيد الخالص وإلى السنة، ومع ذلك نجد فيها نبتات طيبة خيرة، نجد أنموذجاً للمسلم المتمسك بدينه الحريص على السنة، وليست مجرد مظاهر فردية، بل جماعات وأعداداً كبيرة من الشباب والشيوخ والنساء وسائر طبقات المجتمعات.
إذاً: فهذه العودة إلى الإسلام إنما هي قدر إلهي، وهي هداية من الله سبحانه وتعالى، وأمر له ما بعده، ويجب أن نحسب لهذا الأمر حساباً، وأن نقدم جانب التفاؤل على جانب التشاؤم، وأن نعرف أنه قد يأتي الخير ببعض الشر، كما أن الشر قد يأتي ببعض الخير، أعني بذلك: أننا حينما نتفاءل بهذه الصحوة المباركة ونجزم إن شاء الله أنها بداية انفراج لأحوال المسلمين السيئة، فلنعرف أنها لا بد أن يعتريها وشيء من القصور، وشيء من الخلل، وشيء من الانحرافات والخلافات والابتلاء الذي وعد الله به، قال تعالى:{الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}[العنكبوت:١ - ٣].
الابتلاء قدر إلهي يصاحب كل دعوة إلى الله سبحانه وتعالى، لكن مع ذلك لا بد أن نقدم جانب الفأل وجانب حسن الظن بالله سبحانه وتعالى أولاً، ثم بهذه الصحوة المباركة الطيبة ثانياً، وأن نحاول أن نعالج ما يعتريها من جوانب الضعف والتقصير ونحو ذلك مما هو من سمات البشر، فالعصمة لا تكون إلا للأنبياء، والكمال لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى.
إذاً: إن من أبرز سمات هذه الصحوة: سرعة الانتشار في كل بيت، في كل مكان، في كل بقعة من العالم، حتى البلاد الموغلة في انحراف الكفر والضلالة نجد أنها نشأت فيها أجيال في وقت قريب جداً عادت جادة إلى الإسلام.