[أنواع الأعياد المحرمة وحكم المشاركة فيها]
الأعياد المحرمة على نوعين: النوع الأول: أعياد الكفار التي تخصهم، كالسبت لليهود، وكالأحد للنصارى، فلا يجوز لأهل بلد من بلاد المسلمين أو لطائفة أو لفرد من المسلمين أن يشاركهم في هذا اليوم على وجه التعبد، بل لا يجوز لبلد من بلاد المسلمين أن يعطل هذا اليوم على أنه يوم عيد، ولا حتى مجاملة لليهود والنصارى؛ لأنه كتب عليهم أن تكون لهم الذلة والصغار في بلاد المسلمين، وأن يكونوا أهل ذمة، وغاية ما كان أن الإسلام أذن لهم بإقامة أعيادهم في بيوتهم، ويغلقون عليهم أبوابهم، ولا يسمحون لأحد من المسلمين بأن يشاركهم، هذا إذا كانوا أهل ذمة.
أما إذا كانوا كفاراً من الذين لا يقيدون بأحكام أهل الذمة، فالأصل فيهم ألا يقيموا أعيادهم ولا سراً بين المسلمين.
وهناك أعياد أخرى للكفار أيضاً؛ كعيد رأس السنة، وعيد الميلاد، وعيد الفصح وغيرها من الأعياد المعروفة.
وهناك أعياد أيضاً قد تكون مشتركة بين بعض الأمم كالفرس والمجوس، ويوجد شيء منها عند طوائف من النصارى، وطوائف من مبتدعة المسلمين وغيرهم، كعيد النيروز والمهرجان.
والعجيب أن عيد المهرجان يوافق أول الميزان، وهو يوافق ما يسمى هنا باليوم الوطني، فلذلك ينبغي مناصحة المسئولين في هذا البلد والتحذير من هذا اليوم؛ فإن الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولأئمة المسلمين وعامتهم، وهذه الأعياد -أي: أعياد الكفار- اجتنابها واجب شرعاً، على أي شكل من الأشكال، وكما بيَّن ذلك أئمة المسلمين على وجه التفصيل.
النوع الثاني: الأعياد التي أحدثها أهل البدع وأهل الافتراق من طوائف المسلمين الذين ينتسبون للإسلام، كعيد مولد النبي صلى الله عليه وسلم، أو الموالد الأخرى، وعيد المولد -كما تعرفون- لم يكن معروفاً في عهد الصحابة ولا التابعين ولا القرون الثلاثة الفاضلة، وإنما ابتدعته طوائف من الروافض الباطنية، الذين هم في الحقيقة على دين الفرس والمجوس، والتي حكم عليها المسلمون بأنهم من الخارجين أصلاً عن الإسلام، وحدث هذا أول ما حدث على يد الدولة الفاطمية التي قامت في مصر، وهي دولة رافضية باطنية قامت أصلاً على البدع والانحرافات، فهي أول من ابتدع للمسلمين أعياد الميلاد، وكذلك الطوائف الأخرى والفرق الباطنية الأخرى التي ظهرت في بلاد المسلمين قد أسهمت في إظهار هذه الموالد والأعياد المبتدعة.
كذلك مما ابتدعه بعض المسلمين من أهل الافتراق وأهل الأهواء: الاحتفال ببعض الأيام والليالي، كليلة الإسراء، والنصف من شعبان، ويوم عاشوراء، وأيام المعارك، وأيام المناسبات، وكليلة بدر وكغيرها، وكل هذه الاحتفالات هي من الأعياد المحرمة قطعاً.
ويدخل في هذا النوع أيضاً: الأعياد البدعية المحدثة أخيراً، كالأيام الوطنية، وأيام الجلوس، وأيام الثورة، وأيام الاستقلال، والأيام العالمية، كيوم الأم ويوم الطفل والشجرة والصحة ونحو ذلك، ومنها الأسابيع التي تتكرر كل سنة أو بشكل دوري، فقد أخذت شكل الاحتفاء والاهتمام المعين، ونحن نعرف أن الإسلام جعل الاهتمام بهذه الأمور دائماً، ولم يخص بوقت من الأوقات، فليس للمساجد أسبوع، وليس للشجرة أسبوع، وليس للنظافة أسبوع، وإنما كل الأيام وكل الدهور وكل الشهور أيام للمساجد وللشجرة وللنظافة؛ لأن هذه من متطلبات الإسلام وعز المسلمين في دينهم ودنياهم، فلا يجوز أن يخصص لها وقت معين على أي شكل من أشكال التخصيص.
إذاً: الاحتفاء بالأعياد المشروعة -وهي الأضحى والفطر والجمعة- والتعبد بالتعييد بها، واعتبارها أعياداً من أعياد المسلمين واجب شرعاً، ولا يجوز لبلد أو لطائفة أو لفرد من المسلمين أن يحدث عطلة من الأسبوع غير يوم الجمعة، أو عيداً من الأسبوع غير يوم الجمعة، مع أن العيد لا يعني العطلة، فهذا مفهوم خطأ؛ لأن العيد يعني نوع من الاحتفاء والاهتمام، وأخذ الزينة والاجتماع للصلاة كيوم الجمعة ونحو ذلك من المعاني والمظاهر التي تظهر العزة والقوة والاجتماع والتماسك، والتعاطف والتكافل في الأمة، وأما التعطيل فشيء محدث، لكن مع ذلك كون الأمة تعطل بعض أعمالها يوم الجمعة تهيؤاً للصلاة، وللسعي للرزق، وللسلام وللاجتماع على الأمور التي فيها عز للإسلام والمسلمين فهذا مشروع.
لكن لو حلا لأحد أن يضع للمسلمين عطلة أو يوماً غير الجمعة، فإن هذا من الشرع الذي لم يشرعه الله، بل هو من الباطل، وهو كفر كما هو معلوم.
كذلك الأعياد المشروعة السنوية كالأضحى والفطر التعييد فيها واجب شرعاً، بمعنى: أنه ينبغي للمسلمين أن يعيدوا فيها بما ورد في الشرع من إقامة صلاة العيد، والاجتماع في هذا اليوم العظيم، ولبس الزينة لمن يملك ذلك، والتوسيع على العيال وعلى الجيران، وإطعام الطعام، وإظهار الترابط بين الأمة، والاجتماع، وإفشاء السلام وغير ذلك من المعاني التي لا بد من إظهارها في هذا اليوم.
كما أنه لا يجوز في هذا اليوم لأحد أن يصوم، أو ينشئ عبادة أخرى، أو حتى عادة أخرى تتنافى مع عظمة هذا اليوم العظيم.