من المسلمات: أن كل ما جاء في كتاب الله، وكل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير وجب قبوله، سواء كان من المتواتر أو من الآحاد؛ لأن أهل الأهواء خالفوا أهل السنة والجماعة، وخالفوا طريق الحق باعتقادهم أنه لا يصح اعتقاد شيء لم يثبت بالتواتر، وإذا قلنا بهذا المبدأ نقضنا أكثر الدين، والمقصود أن ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسند صحيح وجب قبوله في الاعتقاد والعمل؛ لأن الكثير من أمور الدين انبنى على أحاديث الآحاد، حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يرسل أفراد الصحابة يقيمون الحجة على أمم، وقامت الحجة على الفرس وعلى رأسهم كسرى برجل واحد، وقامت الحجة على الروم وعلى رأسهم هرقل برجل واحد، وقامت الحجة على أهل مصر وعلى رأسهم المقوقس برجل واحد، وقامت الحجة على كثير من قبائل العرب والدول المحيطة بالمسلمين بإرسال آحاد الأمة إلى أولئك الملوك والأمم، فقامت عليهم الحجة واستحلت دماؤهم بذلك، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل أفراد الصحابة لتبليغ الدين والجهاد وتطبيق الحدود، كما أرسل معاذاً إلى اليمن، وكما فعل الصحابة حينما بلغوا بتحويل القبلة إلى الكعبة فاتجهوا إلى الكعبة بخبر واحد، ثم إن الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلوا كثيراً من الدين بخبر الواحد من الصحابة، إذا روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً أو فعلاً أو تقريراً أخذوا به، وجعلوه من الدين، وعلى هذا فإن أكثر الدين فيما يتعلق بالأحكام مبني على أخبار الآحاد.