[تفرع أركان الإيمان والإسلام عن ثوابت ومسلمات لا تصح الأركان إلا بها]
من الأمور التي يجب التنويه عليها في مثل هذا المقام: أن أركان الدين مثل: أركان الإيمان وأركان الإسلام يتفرّع عنها ثوابت ومسلمات لا تصح الأركان إلا بها، يعني: لا يكفي من المسلم أن يؤمن بأركان الإيمان وأركان الإسلام فحسب، بل لها شروط ولها واجبات ولها فروع لا تصح هذه الأركان إلا بها، والإيمان المجرد بهذه الأركان لا يكفي، خذوا مثلاً: أركان الإيمان، لو أن إنساناً مثلاً قال: أؤمن بالله، وببقية أركان الإيمان الستة، ثم يذهب ويدعو غير الله، هل يصح إيمانه بالله؟ لا، الإيمان ليس مجرد التصديق، فكل البشرية تقول: نؤمن بالله، الأمم الشركية الآن كلها تقول: نؤمن بالله، والواحد قد يبذل مهجته من أجل ألا ينتهك إيمانه بالله، لكن على أي وجه؟ ثم هو يشرك، فهذا انتقض إيمانه، الإيمان بالله له معنى شرعي وليس مجرد دعوى.
كذلك الإيمان بالرسل ومن ضمنهم الرسول صلى الله عليه وسلم، فلو أن شخصاً يقول: أنا أؤمن بالأركان الستة ثم يذهب ويقول: عيسى عليه السلام ليس بنبي ولا رسول، إنما هو داعية مصلح، كما حصل من بعض المفكرين المعاصرين، وأذكر أن شخصاً ناقشناه هنا في المملكة من الوافدين، وكان مصراً على أنه لا يؤمن بأن عيسى نبي ولا رسول، قلنا: وما ورد في القرآن؟ قال: هذا وصف لغوي للرسالة، أي: أنه مبعوث لا لأنه رسول حقيقي، ونبي يعني: أنه أنبئ بالغيب لا لأنه نبي حقيقي، هل هذا صح إيمانه بالرسل؟ لم يصح إيمانه بالرسل انتقض، هكذا بقية إيمانه بالدين.
إذاً: كل ما ثبت من القواعد والضوابط الضرورية في الدين فهو من أركان الدين وقطعياته، ولو لم يدخل في مسمى الأركان الستة، بل هناك أمور يسميها الناس: عملية، ويظنون أنها من الأمور الهامشية في الدين، وهي محك الاختبار في الدين، يعني: ادعاء أركان الإيمان الستة وأركان الإسلام الخمسة ربما غالب المسلمين يقومون بها، لكن تأتي أصول أخرى هي من ثوابت الدين، أكثر الناس يستهين بها، وهذا سببه الإخلال بمعنى كمال الدين، والإخلال بمعنى شمولية الدين، والإخلال بمعنى أن الدين يشمل جميع متطلبات الحياة، ويشمل جميع الثوابت في الأحكام والعقائد.