[الرد على دعوى أن السلف يتساهلون في تكفير المخالفين]
المقدم: أيضاً هناك دعوى أخرى نسمعها بين الحين والآخر، والتي تُنسب لمذهب أهل السنة والجماعة ومنهج السلف بصفة عامة، يقولون: إن السلف يتساهلون في تكفير المخالفين.
يعني: أي مخالف يخرج عن قولهم برأي معين يُخرجونه من الملة، هل هذه الدعوى صحيحة؟ الشيخ: على أي حال هذه دعوى عريضة وكبيرة، وتثار اليوم على نحو غريب ومريب، وقد أثيرت تقريباً في العصور المتأخرة مع نشأة دعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فقد اتهمت هذه الدعوة وإلى يومنا هذا بأنها تقوم على التكفير، وهذا باطل، وهذه مسألة كبيرة جداً، لكن لعلي أُذكّر ببعض أصولها لنعرّي هذه الدعوى الكاذبة والبهتان على السلف من أنهم يكفّرون، فالسلف لا يكفّرون بمعنى التكفير المذموم، لكنهم يقولون حكم الله عز وجل.
فمن هنا أُذكّر ببعض الأصول بإيجاز: أولاً: التكفير حكم من أحكام الله عز وجل، ليس إلى البشر، وأحكام الله عز وجل منها القطعي ومنها الاجتهادي الذي يرجع إلى اجتهادات العلماء، ومن القطعيات في التكفير: أن الله عز وجل كفّر أهل الكفر الخالص، أهل الكتاب حينما كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وغيّروا وبدّلوا، ثم المشركين من باب أولى، وأهل النفاق الخالص، وأهل الردة، والملاحدة، وكل من لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فهو كافر بحكم الله، ولم يكن هذا نتيجة صراعات أو ردود أفعال إنما هو حكم الله الثابت، فمن كفّره الله وكفّره رسوله صلى الله عليه وسلم نكفّره إما بعينه وإما بنوعه، العين مثل: تكفير الله لفرعون وأبي جهل وصناديد قريش الذين ورد ذكرهم بأسمائهم، فهؤلاء لا بد أن نكفّرهم بأعيانهم؛ لأن الله كفّرهم، كذلك الأنواع التي كُفّرت: أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، والمشركين، والملاحدة إلى غير ذلك.
إذاًَ: التكفير حكم قطعي لا خيار لنا فيه، ولم يأت به السلف من عند أنفسهم.