للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجدنَا أَن الشَّارِع اعْتبر جنس الْوَصْف عِلّة لعين الحكم فِي مَحل، وأردنا أَن نجْعَل عين الْوَصْف عِلّة لَهُ فِي مَحل آخر قُلْنَا: إِن عين بِالْوَصْفِ عِلّة لَهُ فِي ذَلِك الْمحل الآخر، لِأَن عينه يتَضَمَّن لجنسه، وَقد علم اعْتِبَار الشَّارِع علية ذَلِك الْجِنْس لعين هَذَا الحكم فِي الْمحل الأول، فنعتبره عِلّة لَهُ فِي هَذَا الْمحل أَيْضا لوُجُود الْمُنَاسبَة مَعَ الِاعْتِبَار الْمَذْكُور، فَتكون علية الْعين فِي الْحَقِيقَة بِاعْتِبَار جِنْسهَا. نقل عَن المُصَنّف فِي تَمْثِيل هَذَا تَعْلِيل عتق الْأَخ عِنْد شِرَاء أَخِيه إِيَّاه بِأَنَّهُ ملكه أَخُوهُ بِاعْتِبَار الشَّارِع تَأْثِير جنسه، أَعنِي ملك ذِي الرَّحِم الْمحرم فِي عين الحكم وَهُوَ الْعتْق، فالمؤثر فِي الْحَقِيقَة لَيْسَ إِلَّا ملك ذِي الرَّحِم الْمحرم، فثبوت الْعتْق مَعَ ملك الْأَخ لَيْسَ من حَيْثُ أَنه ملك الْأَخ، بل من حَيْثُ أَنه ملك ذِي الرَّحِم الْمحرم (والبسائط أَربع) حَاصِلَة (من) ضرب (الْعين وَالْجِنْس فِي الْعين وَالْجِنْس) عين الْوَصْف فِي عين الحكم، وجنسه فِي جنسه، وَعين الْوَصْف فِي جنس الحكم، وَقَلبه (هِيَ) أَن هَذِه الْأَرْبَع هِيَ (الْمُؤثر، وَثَلَاثَة ملائم الْمُرْسل) الْمَذْكُورَة (أما الملائم) الَّذِي هُوَ من مُقَابل الْمُرْسل (فَيلْزمهُ التَّرْكِيب لِأَنَّهُ لَا بُد من ثُبُوت عينه) أَي الْوَصْف (فِي عينه) أَي الحكم (بترتب الحكم مَعَه فِي الْمحل، ثمَّ ثُبُوت اعْتِبَار عينه) أَي الْوَصْف (فِي جنس الحكم أَو) ثُبُوت اعْتِبَار (قلبه) أَي جنسه فِي عين الحكم (أَو) ثُبُوت اعْتِبَار (جنسه فِي جنسه، فَأَقل مَا يلْزم فِي الملائم تركيبه من اثْنَيْنِ) وَقد يكون من أَكثر. (والمركب إِمَّا) مركب (من الْأَرْبَعَة قيل) كَمَا فِي التَّلْوِيح (كالسكر) الْمُؤثر عينه (فِي) عين (الْحُرْمَة، وجنسه) أَي السكر هُوَ (إِيقَاع الْعَدَاوَة والبغضاء) مُؤثر (فِيهَا) أَي عين الْحُرْمَة وَهُوَ ثَان، فَإِن الْإِيقَاع الْمَذْكُور كَمَا يكون بالسكر يكون بِغَيْرِهِ (ثمَّ) السكر مُؤثر (فِي وجوب الزاجر أَعم من الأخروي كالحرق والدنيوي كالحد) وَهَذَا جنس الحكم (وجنسه) أَي السكر (الْإِيقَاع) فِي الْعَدَاوَة مُؤثر فِي وجوب الزاجر (فِي الْحَد فِي الْقَذْف) وَهُوَ جنس الحكم (وَلَا يخفى أَن وجوب الحرق) فِي الْآخِرَة (يعد أَنه اعتزال) لجوار عَدمه عِنْد أهل السّنة (غير الحكم الَّذِي نَحن فِيهِ) وَهُوَ التكليفي (وَأَن تَأْثِيره) أَي السكر (فِي وجوب الزاجر لَيْسَ) تَأْثِيرا (فِي جنس حُرْمَة الشّرْب) لكَون من تَأْثِير الْعين فِي الْجِنْس، وَذَلِكَ لِأَن جنس حُرْمَة شرب الْخمر الْحُرْمَة الْمُطلقَة، وَمَا هُوَ أَعم مِنْهُ كَالْحكمِ الْمُطلق، وَمَا هُوَ أخص مِنْهُ كَحُرْمَةِ الشّرْب ونظائره لَا غير، وَلبس وجوب الزاجر مِنْهُ (وَإِنَّمَا يَصح) كَونه مؤثرا فِي جنس حُرْمَة الشّرْب (لتأثير السكر فِي حُرْمَة الْإِيقَاع) فِي الْعَدَاوَة والبغضاء، لِأَنَّهُ عِلّة للإيقاع الْمَذْكُور، وَالْعلَّة مُؤثرَة فِي الْمَعْلُول فقد تحقق بَينهمَا مُنَاسبَة يحسن بهَا مَشْرُوعِيَّة حُرْمَة الْإِيقَاع عِنْد السكر، وَهَذَا من تَأْثِير الْعين فِي الْجِنْس، وَمَا بعده من تَأْثِير الْجِنْس فِي الْجِنْس، وَمَا بعده من تَأْثِير الْجِنْس فِي الْعين

<<  <  ج: ص:  >  >>