للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القائس (فَقَط) لَا فِي حَقه وَحقّ الْخصم، إِذْ رُبمَا يَقُول لَا يتلقاه عَقْلِي بِالْقبُولِ وَلَيْسَ الِاحْتِجَاج بقول الْغَيْر على أولى من شَهَادَة قلبِي، وَمن ثمَّة منع أَبُو زيد التَّمَسُّك بالمناسبة فِي إِثْبَات علية الْوَصْف فِي مقَام المناظرة بل شَرط ضم الْعَدَالَة إِلَيْهَا بِإِقَامَة الدَّلِيل على كَونه مؤثرا (وَقَوْلهمْ) أَي الحنفنة (فِي نَفْيه) أَي هَذَا الطَّرِيق الْمُسَمّى بالاخالة لِأَنَّهُ (لَا يَنْفَكّ عَن الْمُعَارضَة إِذْ يُقَال) أَي بقول المناظر (لم يقبله عَقْلِي) عِنْد قَوْله هَذَا مُنَاسِب تتلقاه الْعُقُول بِالْقبُولِ (يفِيدهُ) أَي أَن مُرَاد أبي زيد حجيته فِي حق نَفسه (وَإِلَّا لم يسمع) أَي وَإِن لم يكن مُرَاده فِي حق نَفسه فَقَط، بل فِي حق الْخصم أَيْضا لم يسمع حِينَئِذٍ قَول الْمُسْتَدلّ الْعُقُول تَلَقَّتْهُ بِالْقبُولِ، لِأَنَّهُ يَقُول الْخصم لَا يتلقاه بِالْقبُولِ عَقْلِي، وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى لم يسمع قَول أبي زيد (وَالْحق أَن المُرَاد بإبداء الْمُنَاسبَة تفصيلها) أَي الْمُنَاسبَة (للمخاطب كَقَوْلِه الْإِسْكَار إِزَالَة الْعقل، وَهُوَ) أَي الْإِزَالَة (مفْسدَة يُنَاسب حُرْمَة مَا تحصل) الْإِزَالَة (بِهِ) وَهُوَ شرب الْمُسكر (والزجر عَنهُ) مَعْطُوف على حُرْمَة وَالضَّمِير رَاجع إِلَى الْمَوْصُول (وَتلك الْمُعَارضَة) الْمَذْكُورَة فِي قَوْلهم لَا يَنْفَكّ عَن الْمُعَارضَة إِنَّمَا تكون (فِي الإجمالي) لِأَنَّهُ قد يخفى على الْخصم تَفْصِيله، وَأما إِذا فصل وَبَين وَجه الْمُنَاسبَة فالإنكار بعد ذَلِك عناد خَارج عَن قانون المناظرة. ثمَّ بَين كَيْفيَّة الْإِجْمَال بقوله (كقبله) أَي الْوَصْف الْمَذْكُور فِي قِيَاسه (عَقْلِي أَو ناسب) الْوَصْف الْمَذْكُور الحكم (عِنْدِي) فِي ظَنِّي فَانْتفى نفيهم صِحَة اعْتِبَار الإخالة بِأَنَّهَا لَا تنفك عَن الْمُعَارضَة (نعم ينتهض) فِي دفع الإخالة وَعدم ثُبُوت علية الْوَصْف للْحكم (أَنَّهَا) أَي الْمُنَاسبَة (لَيست ملزومة لوضع الشَّارِع علية مَا قَامَت) الْمُنَاسبَة (بِهِ) أَي الْوَصْف الْمُنَاسب، يَعْنِي أَن كل مَا قَامَت بِهِ الْمُنَاسبَة من الْأَوْصَاف لَا يلْزمه أَن يُعينهُ الشَّارِع للعلية بِالنِّسْبَةِ إِلَى الحكم الَّذِي يُنَاسِبه (للتخلف) أَي لتخلف الْوَضع الْمَذْكُور (فِي) وصف (مَعْلُوم الإلغاء من الْمُرْسل وَغَيره) كَمَا تقدم، فَإِن الْمُنَاسبَة فِيهِ مَوْجُودَة والشارع ألغاه وَلم يَضَعهُ للعلية (فَإِن قيل الظَّن حَاصِل) أَي الظَّن بِكَوْنِهِ عِلّة حَاصِل فَيجب الْعَمَل بِالظَّنِّ للمجتهد (قُلْنَا أَن عني ظن الْمُنَاسبَة للْحكم فَمُسلم، وَلَا يسْتَلْزم وضع الشَّارِع إِيَّاه) أَي الْوَصْف عِلّة للْحكم (لما ذكرنَا) من التَّخَلُّف (وَاعْلَم أَن مُقْتَضى هَذَا) الْوَجْه الْمَذْكُور لبَيَان إبِْطَال الإخالة (وَمَا زادوه) أَي الْحَنَفِيَّة (من أوجه الْإِبْطَال عدم جَوَاز الْعَمَل بِهِ) أَي بِالْوَصْفِ المخال (قبل ظُهُور الْأَثر، وَلَيْسَ الْقيَاس) لجَوَاز الْعَمَل بهَا قبل ظُهُور التَّأْثِير (على) جَوَاز (الْقَضَاء بمستورين) كَمَا قَالُوا (صَحِيحا، لِأَنَّهُ إِن فرض فِيهِ) أَي فِي جَوَاز الْقَضَاء بهما (دَلِيل على خلاف الأَصْل) أَي الْقيَاس، إِذْ الْقيَاس أَن لَا يجوز الحكم بِشَهَادَة الشَّاهِدين مَا لم تعلم عدالتهما (فَهُوَ) أَي الدَّلِيل الْمَفْرُوض (مُنْتَفٍ فِي جَوَاز الْعَمَل) بالإخالة. وَفِي قَوْله أَن فرض إِشَارَة إِلَى انتفائه فِي نفس الْأَمر (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم ينتف، بل كَانَ دَلِيل جَوَاز الْعَمَل بِهِ مَوْجُودا (وَجب على الْمُجْتَهد) الْعَمَل بِهِ (لِأَنَّهُ) أَي دَلِيل جَوَاز الْعَمَل بِهِ (يُفِيد اعْتِبَار الشَّارِع)

<<  <  ج: ص:  >  >>