للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَونه عِلّة (لحكم الأَصْل فِي) مَحل (آخر يكون فرعا للاكتفاء بِجِنْسِهِ) أَي بِوُجُود حد جنس الْمُدعى عِلّة (فِي) مَحل (آخر لما صرح بِهِ من صِحَة التَّعْلِيل بِلَا قِيَاس) وَالتَّصْرِيح بِصِحَّتِهِ بِلَا قِيَاس دَلِيل على الِاكْتِفَاء بِوُجُود الْجِنْس فِي مَحل آخر، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا بُد فِي التَّأْثِير عندنَا من اعْتِبَار الشَّارِع الْعين فِي الْعين، وَهُوَ أَعلَى الْمَرَاتِب، أَو فِي الْجِنْس، أَو الْجِنْس فِي الْعين أَو فِي الْجِنْس، وَالْأول يسْتَلْزم وجود عين الْوَصْف فِي عين الحكم فِي مَحل آخر. لَا يُقَال سلمنَا أَنه يسْتَلْزم وجوده فِي عين الحكم فِي مَحل آخر. لأَنا نقُول: كلامنا فِي بَيَان شَرط الْعلَّة المستنبطة وَصِحَّة التَّعْلِيل بهَا، فَلَو كَانَ اعْتِبَار الشَّارِع لعين الْوَصْف فِي عين الحكم فِي الأَصْل لَا فِي مَحل آخر كَانَت الْعلَّة منصوصة لَا مستنبطة، فَلم يحْتَج فِي التَّعْلِيل بهَا إِلَى بَيَان التَّأْثِير، وَإِذا وجد اعْتِبَار الْوَصْف فِي مَحل آخر غير الأَصْل صَحَّ، قِيَاس حكم الأَصْل، وَصِحَّة الْقيَاس لَا تنَافِي كَونه مَنْصُوصا على مَا مر، فَحِينَئِذٍ يكون صِحَة التَّعْلِيل مَعَ الْقيَاس، وَحَيْثُ صَرَّحُوا بِصِحَّة التَّعْلِيل بِلَا قِيَاس كَانَ ذَلِك عِنْد عدم وجود الْعين فِي الْعين فِي مَحل آخر، فَلَزِمَ وجود الْجِنْس فِي مَحل آخر، وَإِلَّا لانتفى التَّأْثِير. وَفِيه أَن صِحَة التَّعْلِيل بِلَا قِيَاس لَا يسْتَلْزم الِاكْتِفَاء بِجِنْسِهِ لانْتِفَاء الْقيَاس فِيمَا إِذا اعْتبر عينه فِي جنس الحكم وَامْتنع اجْتِمَاع الْحكمَيْنِ فِي مَحل وَاحِد من غير تحقق جنسه فِي مَحل آخر، غير أَن تَعْلِيل الِاكْتِفَاء بِمَا ذكر الْتِزَام مِنْهُ لما لَا يلْزم عَلَيْهِ، لِأَن الِاكْتِفَاء بِالْجِنْسِ مُصَرح بِهِ، ثمَّ الِاكْتِفَاء بِهِ يتَحَقَّق فِي صُورَة الْجِنْس فِي الْجِنْس وَفِي الْعين فِي مَحل آخر (وَبِذَلِك) أَي بِوُجُود الْجِنْس فِي مَحل آخر (إِنَّمَا تعدد مَحل الْجِنْس) أَي مَحل جنس الْوَصْف لَا مَحل عينه لتحَقّق الْجِنْس فِي ضمن فَرد آخر غير عين الْوَصْف، والتعدية لَا تحصل إِلَّا بِتَعَدُّد مَحل عين الْوَصْف (وَلَيْسَ) الْجِنْس هُوَ (الْمُعَلل بِهِ وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن كَذَلِك بِأَن كَانَ الْجِنْس هُوَ الْمُعَلل بِهِ (لَكَانَ الْأَخَص) الَّذِي هُوَ الْمُعَلل بِهِ فِي نفس الْأَمر (عين الْأَعَمّ) الَّذِي هُوَ جنسه (و) على هَذَا التَّقْدِير (كَانَت الْعلَّة جنسه لَا هُوَ) أَي الْوَصْف نَفسه وَالْمَقْصُود من هَذَا التَّطْوِيل دفع توهم الِاتِّحَاد بَين الْوَصْف وجنسه الْمَحْمُول عَلَيْهِ لِئَلَّا يُقَال أَن تعدد مَحل الْجِنْس تعدد لمحله (وَهُوَ) أَي كَون الْمُعَلل بِهِ الْجِنْس لَا الْعين (غير الْفَرْض) لِأَن لِأَن الْمَفْرُوض كَون الْمُعَلل بِهِ الْعين لَا جنسه (فَلَا يسْتَلْزم التَّأْثِير تعدِي مَا علل بِهِ) لما عرفت من الِاكْتِفَاء وَصِحَّة التَّعْلِيل بِلَا قِيَاس (وَجعل ثَمَرَته) مُبْتَدأ مُضَاف إِلَى مَفْعُوله الأول، وَالضَّمِير للْخلاف الْمَذْكُور (منع تَعديَة) مفعول ثَان للجعل مُضَاف إِلَى مَفْعُوله: أَي إِلَى (حكم أصل فِيهِ) صفة مَا أضيف إِلَيْهِ الحكم (مُتَعَدٍّ وقاصر) فَاعل الظّرْف وَتَابعه (للمجيز) مُتَعَلق بِمَحْذُوف هُوَ حَال عَن منع التَّعْدِيَة (لَا الْمَانِع) مَعْطُوف على الْمُجِيز، يَعْنِي أَن من أجَاز التَّعْلِيل بالقاصرة

<<  <  ج: ص:  >  >>