عَلَيْهِ) أَي على الأَصْل الآخر مُتَعَيّن لِأَنَّهُ (يسْقط) من الْإِسْقَاط (مُؤنَة الْحَذف) أَي إِلْغَاء مَا سوى الْوَصْف الَّذِي ادّعى عليته لِأَنَّهُ لم يُوجد فِي هَذَا الأَصْل غَيره خلاف الأَصْل الَّذِي هُوَ فِيهِ مَعَ غَيره فَلَا بُد من إِلْغَاء الْغَيْر فِيهِ كَمَا إِذا اسْتدلَّ على ربوية الذّرة قِيَاسا على الْبر الَّذِي فِيهِ الطّعْم والقوت والكيل فَلَا يتَعَيَّن أَحدهَا للعلية إِلَّا بإلغاء مَا عداهُ، بِخِلَاف مَا إِذا قيس بالملح الَّذِي لَيْسَ فِيهِ سوى الْكَيْل فَإِنَّهُ مُتَعَيّن، فَلَيْسَ فِيهِ مُؤنَة الْحَذف والالغاء (وَبعد أَنَّهَا) أَي الْمُعَارضَة بابداء أصل آخر وادعاء تعين ذَلِك للأصالة سُقُوط مُؤنَة الْحَذف (مشاحة) أَي مضايقة ومناقشة (لفظية) لثُبُوت الحكم لكل من الْأَصْلَيْنِ بِلَا تفَاوت (قد تكون أَوْصَافه) أَي أَوْصَاف الأَصْل الآخر كالملح (أَكثر) من الأَصْل الأول كالبر فَيلْزم أَن تكونة مُؤنَة الْحَذف أَكثر (وَكَونه) بِالْجَرِّ عطفا على الْمَجْرُور فِي قَوْله ثُبُوت الحكم: أَي وَيكون الْمَحْذُوف (مِمَّا علم إلغاؤه) فِي الشَّرْع (مُطلقًا) أَي فِي جَمِيع الْأَحْكَام كالاختلاف فِي الطول وَالْقصر والسواد وَالْبَيَاض إِلَى غير ذَلِك (أَو) لكَونه مِمَّا علم إلغاؤه (فِي ذَلِك) الحكم المبحوث عَنهُ وَإِن اعْتبر فِي غَيره (كالذكورة وَالْأُنُوثَة فِي أَحْكَام الْعتْق) فَإِنَّهُ قد اعْتبر الِاخْتِلَاف فيهمَا فِي الشَّهَادَة وَالْقَضَاء والإمامة الصُّغْرَى والكبرى وَالْإِرْث (وَأَن لَا يظْهر لَهُ) أَي للمستدل مَعْطُوف أَيْضا على الْمَجْرُور الْمَذْكُور، وَالْبَاء مقدرَة، يَعْنِي بَيَان الإلغاء بِأَن لَا يظْهر لَهُ (مُنَاسبَة) بَين الْمَحْذُوف وَبَين الحكم بعد الْبَحْث عَنْهَا (وَيَكْفِي) لَهُ أَن يَقُول (بحثت) عَن الْمُنَاسبَة (فَلم أَجدهَا) فلكونه مُجْتَهدا يعْتَمد على بَحثه. فَعدم وجدانه دَلِيل الْعَدَم، ولعدالته يصدق، وَلَا سَبِيل إِلَى معرفَة وجدانه إِلَّا بإخباره (فَإِن قَالَ) الْمُعْتَرض (الْبَاقِي كَذَلِك) أَي غير مُنَاسِب لَا فِي بحثت فَلم أجد لَهُ مُنَاسبَة (تَعَارضا) أَي وصف الْمُسْتَدلّ، وَوصف الْمُعْتَرض، لِأَنَّهُ أَيْضا مُجْتَهد عدل (وَوَجَب) على الْمُسْتَدلّ (التَّرْجِيح) لوصفه الْحَاصِل من سبره على الْوَصْف الْحَاصِل من سبر الْمُعْتَرض، وَهَذَا لِأَنَّهُ فِي مقَام المناظرة، وَإِلَّا فالمجتهد يجب عَلَيْهِ الْعَمَل بظنه وَإِن كَانَ ظن غَيره أرجح فِي نفس الْأَمر، وَإِنَّمَا لم يجب على الْمُعَلل بَيَان الْمُنَاسبَة (إِذْ لَو أَوجَبْنَا بَيَانهَا على الْمُعَلل انْتقل) عَن طَرِيق السبر (إِلَى الإخالة) إِذْ هِيَ تعْيين الْعلَّة بإبداء الْمُنَاسبَة، وَهِي انْقِطَاع (وَقد يُقَال لما اخْتلف حَاله) أَي الْمُعَلل (بِحَقِيقَة الْمُعَارضَة) من الْمُعْتَرض (فَكَأَنَّهُ) أَي التَّعْلِيل (ابْتِدَاء) غير التَّعْلِيل الأول، فَلَا يضر ذَلِك الِانْتِقَال (مَعَ أَنَّهَا) أَي هَذِه الطَّرِيقَة، يَعْنِي عدم الِانْتِقَال من مَسْلَك إِلَى مَسْلَك آخر طَريقَة (تحسينية) غير ضَرُورِيَّة، فَإِن انْتقل من السبر إِلَى الإخالة فَلهُ ذَلِك، وَلَا يعد ذَلِك انْقِطَاعًا كَمَا سَيذكرُهُ المُصَنّف فِي فصل الأسولة (وَله) أَي للمعلل أَن يرجح وَصفه الْحَاصِل من سبره (بِالتَّعَدِّي) إِذا كَانَ وصف الْمُعْتَرض قاصرا على الأَصْل، والمتعدي مجمع عَلَيْهِ، والقاصر مُخْتَلف فِيهِ، أَو يُقَال:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute