للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَا قدمْنَاهُ) فِي فصل الْعلَّة (وَثَبت) شرعا (اعْتِبَاره) أَي اعْتِبَار مَا لم يعقل مناسبته بِنَفسِهِ بل بِمَا هُوَ مظنته، وَقد مر تَفْسِير الِاعْتِبَار (عِلّة) خبر أَن، فَعلم أَن مدَار الْعلية على مُنَاسبَة مَا ترَتّب عَلَيْهِ الحكم: أما بِنَفسِهِ أَو بِوَاسِطَة مَا ذكر وَثُبُوت اعْتِبَاره، فَإِن لم يتَحَقَّق فِيهِ أحد الْأَمريْنِ مَعَ ثُبُوت الِاعْتِبَار فَلَيْسَ بعلة وَإِن كَانَ بصنع الْمُكَلف مَعَ كَون الحكم هُوَ الْغَرَض من وَضعه، فَبين مَا ذكره المُصَنّف وَمَا ذكره صدر الشَّرِيعَة عُمُوم من وَجه بِحَسب الْمَفْهُوم (وَمَا هُوَ مفض) إِلَى الحكم (بِلَا تَأْثِير) فِيهِ (سَبَب) وَإِن تحقق الصنع وَالْغَرَض الْمَذْكُورَان، وَقد عرفت معنى التَّأْثِير (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن المُرَاد مَا قُلْنَا، بل بِمَا قَالَه الْقَائِل الْمَذْكُور (خص اسْم الْعلَّة الْحِكْمَة) بِحَذْف الْبَاء: أَي بالحكمة، وَذَلِكَ لِأَن مَا بنى عَلَيْهِ الْعلية إِنَّمَا يتَحَقَّق فِي الْحِكْمَة لَيْسَ إِلَّا (والاصطلاح نَاطِق بِخِلَافِهِ) أَي بِخِلَاف التَّخْصِيص الْمَذْكُور، وَقد مر مَا يفِيدهُ من تَفْسِير كل من الْحِكْمَة وَالْعلَّة على وَجه يُفَارق الآخر (وَيُطلق كل) من الْعلَّة وَالسَّبَب (على الآخر مجَازًا) وَمن هَذَا الْقَبِيل إِطْلَاق الْعلَّة على البيع وَنَحْوه (وَأما الشَّرْط فَمَا يُطلق عَلَيْهِ) أَي مَا يُطلق اسْمه عَلَيْهِ، فالمحكوم عَلَيْهِ الشَّرْط الاصطلاحي، وَالْحكم بَيَان حَاله بِاعْتِبَار معَان تقصد باسمه لُغَة أَو شرعا حَقِيقَة أَو مجَازًا: أما (حَقِيقِيّ) وَهُوَ مَا (يتَوَقَّف عَلَيْهِ الشَّيْء فِي الْوَاقِع) كالحياة للْعلم فَإِنَّهُ لما كَانَ التَّوَقُّف فِيهِ بِحَسب نفس الْأَمر كَانَ حَقِيقا بِأَن يُسمى شرطا (و) أما (جعلى) أما (للشارع فَيتَوَقَّف) وجود الْمَشْرُوط عَلَيْهِ (شرعا) أَي توقفا شَرْعِيًّا كَمَا أَن وجود الْمَشْرُوط وجود شَرْعِي (كالشهود للنِّكَاح وَالطَّهَارَة للصَّلَاة) فَإِن وجودهما الشَّرْعِيّ مَوْقُوف على الشُّهُود وَالطَّهَارَة توقفا شَرْعِيًّا (وَالْعلم بِوُجُوب الْعِبَادَات على من أسلم فِي دَار الْحَرْب) وَلم يُهَاجر إِلَى دَار الْإِسْلَام، فَإِن وُجُوبهَا عَلَيْهِ مَوْقُوف على الْعلم بِهِ حَتَّى لَو لم يعلم بِهِ حَتَّى مضى عَلَيْهِ زمَان لَا يلْزم عَلَيْهِ قَضَاء شَيْء مِنْهَا قيل الْمَوْقُوف على الْعلم وجوب الْأَدَاء الثَّابِت بِالْخِطَابِ دون نفس الْوُجُوب الثَّابِت بِالسَّبَبِ، وَإِلَّا لما وَجَبت الصَّلَاة على النَّائِم والمغمى عَلَيْهِ إِذا لم يَمْتَد الْإِغْمَاء، وَلما وَجب الصَّوْم على الْمَجْنُون الَّذِي لم يسْتَغْرق جُنُونه الشَّهْر لعدم الْعلم وَأجِيب بِأَنا لَا نسلم عدم حُصُول الْعلم فِي حَقهم لثُبُوته تَقْديرا لشيوع الْخطاب، وبلوغه إِلَى سَائِر الْمُكَلّفين بِمَنْزِلَة بُلُوغه إِلَيْهِم، كَذَا قَالُوا: وَفِيه نظر (أَو للمكلف) مَعْطُوف على قَوْله للشارع، ثمَّ بَين كَيْفيَّة التَّوَقُّف يَجْعَل الْمُكَلف بقوله (بتعليق تصرفه عَلَيْهِ) أَي على الْمُعَلق بِهِ بأداة الشَّرْط (مَعَ إجَازَة الشَّارِع) لَهُ ذَلِك (كَأَن دخلت) الدَّار فَأَنت طَالِق، فَإِنَّهُ جعل وُقُوع الطَّلَاق مَوْقُوفا على الدُّخُول، وَقد أَبَاحَ لَهُ الشَّارِع التَّعَلُّق (أَو مَعْنَاهُ) مَعْطُوف على مَدْخُول الْبَاء، يَعْنِي أَو بِمَا هُوَ فِي معنى التَّعْلِيق بهَا (كَالْمَرْأَةِ الَّتِي أَتَزَوَّجهَا) أَي كَمَا إِذا قَالَ: الْمَرْأَة الَّتِي أَتَزَوَّجهَا طَالِق، فَإِن التَّعْلِيق بهَا يُفِيد

<<  <  ج: ص:  >  >>