للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى وخر رَاكِعا: أَي سَاجِدا) فَإِن فِي إِطْلَاق لفظ الرَّاكِع على الساجد والعدول عَن الظَّاهِر إِيمَاء إِلَى أَن الْمَقْصُود مِنْهُمَا وَاحِد، ثمَّ علل كَون الْمَنْع أقوى تبادرا من الْجَوَاز الْمُعَلل بِالْإِطْلَاقِ الْمَذْكُور بقوله (إِذْ لَا يلْزم من إِطْلَاق لفظ على غير مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ جَوَاز إِيقَاع مُسَمَّاهُ) أَي مُسَمّى الْمُسْتَعْمل مجَازًا (مَكَان مُسَمّى) اللَّفْظ (الآخر) الَّذِي وضع بِإِزَاءِ الْمُسْتَعْمل فِيهِ مجَازًا (شرعا) أَي جَوَازًا شَرْعِيًّا، فاللفظ الأول الرُّكُوع، وَالثَّانِي السُّجُود فَلَا يلْزم من إِطْلَاق الرُّكُوع على معنى السُّجُود، وَجَوَاز إِيقَاع معنى الرُّكُوع مَكَان معنى السُّجُود فِي أَدَاء مَا وَجب بِالطَّلَبِ الْمُتَعَلّق بِالسُّجُود (وَإِن كَانَ الْمُطلق) بِصِيغَة اسْم الْفَاعِل (الشَّارِع) أَن وصلية لدفع مَا يتَوَهَّم من أَن الْمُطلق إِذا كَانَ الشَّارِع وَالشَّرْع فِي يَده فَمَا الْمَانِع من حمل كَلَامه على جَوَاز الْإِيقَاع لِأَن الْكَلَام فِي عدم لُزُوم جَوَازه من هَذَا الْإِطْلَاق، وَلَا فرق فِي هَذَا بَين أَن يكون الْمُطلق الشَّارِع أَو غَيره فَإِن طَرِيق الِاسْتِعَارَة غير طَرِيق الْقيَاس إِذْ بِنَاء الأول على علاقَة الْمجَاز، وَالثَّانِي على وجود الْعلَّة الشَّرْعِيَّة، وَإِنَّمَا لم يتَعَرَّض إِلَّا الْأَخير من وَجْهي الْجَوَاز لظُهُور الأول (وَلَو فرض قيام دلَالَة على ذَلِك) أَي جَوَاز قيام الرُّكُوع فِي الصَّلَاة مقَامهَا (لَا يصيره) أَي الْقيَاس (أظهر) من الِاسْتِحْسَان، فَإِن وَجه عدم جَوَاز نِيَابَة الرُّكُوع فِي غَايَة الظُّهُور، وَمَا ذكر فِي مُقَابِله لَيْسَ مثله فِي الظُّهُور، والمفروض أخْفى من الْمَذْكُور، كَذَا مَا بَقِي فِي عَالم الْفَرْض وَلم يبرز، وَعَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن السَّجْدَة تكون فِي آخر السُّورَة أيسجد بهَا أم يرْكَع؟ قَالَ إِن شِئْت فاركع وَإِن شِئْت فاسجد ثمَّ اقْرَأ بعْدهَا سُورَة، رَوَاهُ سعيد، وَذكره ابْن أبي شيبَة عَن عَلْقَمَة وَإِبْرَاهِيم وَالْأسود وَطَاوُس ومسروق وَالشعْبِيّ وَالربيع بن خَيْثَم وَعَمْرو بن شُرَحْبِيل (وَحِينَئِذٍ) أَي حِين إِذْ كَانَ منع التأدى أظهر من جَوَازه (وَجب كَون الحكم الْوَاقِع) أَي الَّذِي اسْتَقر رَأْي الْحَنَفِيَّة عَلَيْهِ عِنْد الْمُعَارضَة (من تأديها بِالرُّكُوعِ) بَيَان للْحكم الْوَاقِع، وَالضَّمِير لسجدة التِّلَاوَة (حكم الِاسْتِحْسَان) خبر الْكَوْن وَذَلِكَ لِأَن مَا يفِيدهُ أخْفى مِمَّا يُفِيد عدم تأديها بِهِ (لَا) يَصح (كَونه) أَي كَون الحكم الْوَاقِع (مِمَّا قدم فِيهِ) أَي فِي حَقه (الْقيَاس عَلَيْهِ) أَي على الِاسْتِحْسَان، بل هُوَ مِمَّا قدم فِيهِ الِاسْتِحْسَان على الْقيَاس، وَقيل الْقيَاس الْمُفِيد للتأدي إِنَّمَا علم من الِاسْتِحْسَان بالأثر الْمَرْوِيّ عَن عمر وَابْن مَسْعُود وَأجِيب بِأَن هَذَا على قَول من يحْتَج بقول الصَّحَابِيّ مُطلقًا سَوَاء كَانَ للرأي فِيهِ مدْخل أَو لَا، وَالْمُخْتَار أَنه يحْتَج بِهِ إِذا لم يكن للرأي فِيهِ مدْخل (وَظهر) من هَذِه الْجُمْلَة (أَن لَا اسْتِحْسَان) كَائِن مَوْصُوفا بِوَصْف (إِلَّا مُعَارضا لقياس) لما عرفت من أَنه عبارَة عَن الْقيَاس الْخَفي بِالنِّسْبَةِ إِلَى قِيَاس طَاهِر (وَلزِمَ أَن لَا يعدى) من مَحل إِلَى مَحل آخر (مَا) أَي حكم ثَبت (بِغَيْر قِيَاس) أَي على خلاف الْقيَاس (وَهُوَ) أَي

<<  <  ج: ص:  >  >>