فِيهِ من حَيْثُ الاطراد لكَون التَّثْلِيث قد يُفَارق الركنية، وَمن حَيْثُ الانعكاس لكَونه لَا يسْتَغْرق كل ركن كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (لوُجُوده) أَي التَّثْلِيث (وَلَا ركن فِي الْمَضْمَضَة) الْجَار مُتَعَلق بالوجود (وَالِاسْتِنْشَاق) فَإِن شَيْئا مِنْهُمَا لَيْسَ بِرُكْن من الْوضُوء مَعَ استنان التَّثْلِيث فيهمَا (وَوُجُود الرُّكْن دونه) أَي التَّثْلِيث (كثير) فِي أَرْكَان الصَّلَاة من الْقيام وَغَيره، وأركان الْحَج إِلَى غير ذَلِك، فَلَا يَصح التَّعْلِيل بالركنية. لَا يُقَال المُرَاد الركنية فِي الْوضُوء لَا الْمُطلقَة، لِأَن الخصوصية ملغاة، لَا لتأثير الْمَفْرُوض لأصل الركنية، فَإِن التَّثْلِيث يُحَقّق الرُّكْن على وَجه الْكَمَال (وَأما الثَّبَات) أَي قُوَّة ثبات الْوَصْف على الحكم الثَّابِت بِهِ (فكثرة اعْتِبَار الْوَصْف) من الشَّارِع (فِي) جنس (الحكم) فِيهِ مُسَامَحَة، لِأَن الْكَثْرَة لَيست عين الثَّبَات بل سَببه: وَذَلِكَ بِاعْتِبَار الشَّارِع علية الْوَصْف فِي صُورَة كَثِيرَة من جنس الحكم، فَإِنَّهُ يحصل بذلك قُوَّة فِي ثُبُوت علته لَهُ (كالمسح) فَإِنَّهُ كثر اعْتِبَار الشَّارِع إِيَّاه (فِي التَّخْفِيف) الَّذِي جنس عدم التَّثْلِيث لاعتباره (فِي كل تَطْهِير غير مَعْقُول) كَونه مطهرا (كالتيمم وَمسح الْجَبِيرَة والجورب والخف) فَإِنَّهُ لم يشرع فِي شَيْء مِنْهَا التّكْرَار للتَّخْفِيف، بِخِلَاف الِاسْتِنْجَاء بِغَيْر المَاء من الْحجر وَنَحْوه، فَإِنَّهُ مسح شرع فِيهِ التّكْرَار، لِأَنَّهُ عقل فِيهِ معنى التَّطْهِير (بِخِلَاف الرُّكْن فَإِن أَثَره) أَي الرُّكْن (فِي الْإِكْمَال وَهُوَ) أَي الْإِكْمَال فِيمَا نَحن فِيهِ (الايعاب) بِالْمَسْحِ فِي الْمحل لَا التّكْرَار الَّذِي يكَاد يخرج الْمسْح من حَقِيقَته إِلَى الْغسْل (وكقولهم) أَي الْحَنَفِيَّة (فِي) صَوْم (رَمَضَان) صَوْم (مُتَعَيّن) فِي الْوَقْت الْمُتَعَيّن لَهُ (فَلَا يجب تَعْيِينه) فَيسْقط بِمُطلق نِيَّة الصَّوْم: إِذْ اليقيين اثْبتْ فِي سُقُوط التَّعْيِين من الْوَصْف الْمَذْكُور فِي قَول الشَّافِعِي صَوْم فرض الخ (وَهُوَ) أَي التَّعْيِين (وصف اعْتَبرهُ الشَّارِع) فِي سُقُوط التَّعْيِين من الْوَصْف الْمَذْكُور فِي صور كَثِيرَة كَمَا (فِي الودائع والغصوب ورد الْمَبِيع فِي) البيع (الْفَاسِد) إِلَى الْمَالِك حَتَّى لَو وجد رد هَذِه الْأَشْيَاء بِهِبَة أَو صَدَقَة أَو بيع يَقع عَن الْجِهَة الْمُسْتَحقَّة لتعين الْمحل لذَلِك شرعا (وَالْإِيمَان بِاللَّه) وَمَا يجب الْإِيمَان بِهِ فَإِنَّهُ (لَا يشْتَرط) فِي خُرُوجه بِهِ عَن عُهْدَة الْفَرْض (تعْيين نِيَّة الْفَرْض بِهِ) أَي بِالْإِيمَان: أَو بِشَيْء مِمَّا ذكر من رد الْمَذْكُورَات وَالْإِيمَان مَعَ أَنه أقوى الْفَرَائِض يحصل الِامْتِثَال بالمأمور بِهِ على أَي وَجه يَأْتِي بِهِ، وَكَذَا الْحَج يَصح بِمُطلق النِّيَّة وَنِيَّة النَّفْل عِنْده (وَأما كَثْرَة الْأُصُول الَّتِي يُوجد فِيهَا جنس الْوَصْف) فِي عين الحكم أَو جنسه (أَو عينه) أَي الْوَصْف فِي جنس الحكم أَو عينه (على مَا ذكرنَا للشَّافِعِيَّة) فِي الْمَقْصد الأول فِي تَقْسِيم الْعلَّة (فَقيل لَا ترجح) للوصف الْمُشْتَمل على كَثْرَة الْأُصُول على الْوَصْف العاري عَنْهَا، وَهَذَا القَوْل مَنْسُوب إِلَى بعض أَصْحَابنَا وَأَصْحَاب الشَّافِعِي (لِأَنَّهُ) أَي التَّرْجِيح بهَا (ككثرة الروَاة) أَي كالترجيح بهَا إِذا لم يبلغُوا حد الشُّهْرَة أَو التَّوَاتُر فَإِن الْخَبَر لَا يرجح
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute