(وَالثَّانِي) أَي القَوْل بِعَدَمِ جَوَاز التَّعْدِيَة فِي الْعلية مَعْنَاهُ (تعدِي عليته) أَي تعدِي علية الْوَصْف الْوَاحِد (إِلَى) وصف (آخر) تعديه (لآخر) أَي لأجل إِثْبَات حكم آخر غير الحكم الْمُعَلل بِالْوَصْفِ الأول فَحِينَئِذٍ تَتَعَدَّد الْعلَّة وَالْحكم. قَالَ الشَّارِح كَون معنى الأول مَا ذكر ظَاهر، وَأما أَن معنى الثَّانِي مَا ذكر فَلَا، بل كل من الْعلَّة وَالْحكم مُتحد للاتحاد فِي النَّوْع وَلَا يضرّهُ التغاير بِحَسب الشَّخْص انْتهى.
وَأَنت خَبِير بِأَن الِاتِّحَاد فِي الْعلَّة مُنْتَفٍ بِاتِّفَاق الْفَرِيقَيْنِ لِأَنَّهُ لَا وَجه حِينَئِذٍ للنزاع فِي تعدِي الْعلية اثباتا أَو نفيا وَأَيْضًا يرد عَلَيْهِ أَنه كَيفَ يسلم التَّعَدُّد فِي الْعلَّة فِي الأول مَعَ الِاتِّحَاد فِي النَّوْع، وَأما تعدد الحكم فِي الثَّانِي فَهُوَ أَمر مَبْنِيّ على تحقق ذَلِك الْمَذْهَب (وَمِمَّنْ أنكرهُ) أَي جَرَيَان الْقيَاس فِي الْعلَّة (من اعْترف بِقِيَاس أَنْت حرَام) لإِثْبَات الطَّلَاق الْبَائِن (على طَالِق بَائِن، وَهُوَ) أَي الْقيَاس الْمَذْكُور قِيَاس (فِي السَّبَب) أَي الْعلَّة، فقد نَاقض فعله قَوْله (وَقيل لَا خلاف فِي هَذَا) أَي فِي جَوَاز التَّعْلِيل لتعدية الْعلَّة من وصف إِلَى وصف آخر مشارك للْأولِ فِي الاشتمال على مناطها، لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَة لَيْسَ من إِثْبَات الْعلَّة بِالْقِيَاسِ، لِأَن الْعلَّة حَقِيقَة هُوَ المناط الْمُشْتَرك بَينهمَا، وَقد مر آنِفا (بل) الْخلاف (فِيمَا إِذا كَانَت) علية الْوَصْف للْحكم (لمُجَرّد مناسبتها) أَي الْعلَّة الَّتِي هِيَ الْوَصْف الْمَذْكُور الحكم الْمَطْلُوب إثْبَاته فِي الْفَرْع: أَي فِي الْمحل الَّذِي أُرِيد إثْبَاته فِيهِ، سمي فرعا لمشاركته الْفَرْع فِي عدم وُرُود النَّص فِيهِ، فَجعل لمُجَرّد هَذِه الْمُنَاسبَة الْعَقْلِيَّة عِلّة للْحكم ليحصل فِي ذَلِك الْفَرْع من غير أَن يتَحَقَّق فِي الْوَصْف منَاط الْعلية (وَلَيْسَ لَهُ) أَي لذَلِك الْوَصْف الْمُنَاسب (مَحل آخر) تحققت فِيهِ عليته لذَلِك الحكم، لِأَنَّهُ لَو تحقق فِي مَحل آخر مَعَ ذَلِك الحكم مؤثرا فِيهِ بِاعْتِبَار الشَّارِع على مَا مر بَيَانه لما بَقِي فِيهِ للْخلاف مجَال، وَلم يتَوَهَّم فِيهِ التَّعْلِيل لإِثْبَات عليته، لِأَن ذَلِك الْوَصْف الْمَوْجُود فِي الْفَرْع حِينَئِذٍ عين الْوَصْف الْمَوْجُود فِي الأَصْل وَلَيْسَ كلامنا فِيهِ (لأَنا إِنَّمَا نثبت) على تَقْدِير إِثْبَات الْعلية بِمُجَرَّد الْمُنَاسبَة (سَبَبِيَّة) وصف (آخر) مُغَاير للوصف الْمَذْكُور مُعْتَبر علية للْحكم فِي أصل ليحصل اعْتِدَاد بشأن هَذَا الْوَصْف، وَلما رَأَوْا وَصفا اعْتبر عليته لحكم فِي مَحل ووصفا آخر فِي مَحل آخر مُنَاسِب لذَلِك الحكم فَأثْبت بِهِ فِي هَذَا الْمحل، زَعَمُوا أَنه عدى الْعلية من الأول إِلَى الثَّانِي قِيَاسا وَلم يدروا أَنَّهُمَا لم يشتركا فِي منَاط لتمكن الْقيَاس الْمَوْجُود فِي الأَصْل عِلّة للْحكم (فَلَيْسَ ذَلِك) مَا ثَبت سَبَبِيَّة بِمُجَرَّد الْمُنَاسبَة (إِلَّا الْمُرْسل) وَقد مر تَفْسِيره، فَيجوز عِنْد من يَقُول بِصِحَّة التَّعْلِيل بِهِ، وَلَا يجوز عِنْد من يشْتَرط التَّأْثِير والملاءمة (وَهَذَا) أَي التَّعْلِيل بالمرسل إِنَّمَا يَصح (على) قَول (الشَّافِعِيَّة: أما مَا تقدم للحنفية فِي سببيته) أَي سَبَبِيَّة وصف