إِلَى حكم آخر مثل الأول. (وَالصَّحِيح) أَن مجرده (لَيْسَ قطعا) للمستدل (وَأَنه) أَي هَذَا الْمَنْع (يسمع إِلَّا أَن اصْطَلحُوا) أَي أهل بلد المناظرة على عده قطعا، أَو على صَوْم سَمَاعه كَمَا قَالَ الْغَزالِيّ، من أَنه يتبع عرف الْمَكَان واصطلاح أَهله، وَهَذَا أَمر وضعي لَا مدْخل لِلْعَقْلِ وَالشَّرْع فِيهِ، وَلَا مشاحة فِي الِاصْطِلَاح (وَهُوَ) أَي عدم سَمَاعه إِذا اصْطَلحُوا عَلَيْهِ (محمل) قَول (أبي إِسْحَق) الشِّيرَازِيّ على مَا ذكره ابْن الْحَاجِب من أَنه لَا يسمع هَذَا الْمَنْع من الْمُعْتَرض وَلَا يلْزم الْمُسْتَدلّ الدّلَالَة على ثُبُوت حكم الأَصْل فينتفى استبعاده بِأَن غَرَض الْمُسْتَدلّ إِقَامَة الْحجَّة على خَصمه وَلَا يقوم عَلَيْهِ مَعَ كَون أَصله مَمْنُوعًا، وَأَن قيام الدَّلِيل عَلَيْهِ جُزْء الدَّلِيل وَلَا يثبت الدَّلِيل إِلَّا بِثُبُوت جَمِيع أَجْزَائِهِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا لَيْسَ قطعا (لِأَنَّهُ) أَي هَذَا الْمَنْع (منع بعض مُقَدمَات دَلِيله) أَي الْمُسْتَدلّ، وكما لَا يكون منع غير هَذَا الْبَعْض قطعا فَكَذَا وَهَذَا (وَإِلَّا) لَو كَانَ قطعا (فَكل منع قطع) إِذْ لَو فرق بَين المنوع (وَكَونه) أَي الْمُسْتَدلّ (بِهِ) أَي بِهَذَا الْمَنْع (ينْتَقل إِلَى) حكم شَرْعِي هُوَ حكم الأَصْل (مثل الأول) وَهُوَ حكم الْفَرْع (لَا يضر إِذا توقف) الأول (عَلَيْهِ) أَي الْمُنْتَقل إِلَيْهِ سَوَاء (وَسعه) أَي إِثْبَات مَا منع (مجْلِس) وَاحِد (أَو مجَالِس) مُتعَدِّدَة كَمَا لَو منع علية الْعلَّة أَو وجودهَا (وَلَو تعارفه) أَي كَون هَذَا الْمَنْع قطعا (طَائِفَة أُخْرَى) غير طَائِفَة الْمُسْتَدلّ لَا يضرّهُ إِذْ (لم يلْزم الْمُسْتَدلّ عرفهم) إِذْ لم يلتزمه (ثمَّ لَا يَنْقَطِع الْمُعْتَرض بِإِقَامَة دَلِيله) أَي دَلِيل حكم الأَصْل من الْمُسْتَدلّ من غير أَن تكون مقدماته مسلمة عِنْده (على الْمُخْتَار، إِذْ لَا يلْزم صِحَّته) أَي الدَّلِيل (من صورته فَلهُ) أَي للمعترض (الِاعْتِرَاض على مقدماته) أَي الدَّلِيل الْمَذْكُور، وَقيل يَنْقَطِع لِأَنَّهُ يسْتَلْزم الْخُرُوج عَن الْمَقْصُود الْأَصْلِيّ، وَقد عرفت مَا فِيهِ. (وَأما معارضته) أَي حكم الأَصْل بِإِقَامَة الْمُعْتَرض دَلِيلا على خِلَافه بعد مَا أَقَامَ الْمُسْتَدلّ دَلِيلا عَلَيْهِ فَاخْتلف فِيهِ (فَقيل لَا) يسمع (لِأَنَّهُ غصب لمنصب الِاسْتِدْلَال) الَّذِي هُوَ حق الْمُسْتَدلّ، وَالْإِضَافَة بَيَانِيَّة، وَذهب جُمْهُور الْمُحَقِّقين من الْفُقَهَاء والمتكلمين إِلَى قبُولهَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَلَيْسَ) الْإِيرَاد بالمعارضة بِغَصب (وَإِلَّا) لَو كَانَ غصبا (منعت) الْمُعَارضَة (مُطلقًا) لغير مَا ذكر وَلَيْسَت مَمْنُوعَة اتِّفَاقًا. (وَقَوله) أَي الْمَانِع لقبولها (يصير) الْمُعْتَرض بهَا (مستدلا فِي نفس صُورَة المناظرة) من غير تَبْدِيل بِصُورَة أُخْرَى (إِن أَرَادَ فِي عين دَعْوَى الْمُسْتَدلّ فمنتف) أَي فالاستدلال فِي عين دَعْوَاهُ مُنْتَفٍ، كَيفَ وَهُوَ يسْتَدلّ على خلَافهَا (أَو) أَرَادَ (فِي تِلْكَ المناظرة فَلَا بَأْس) بِهِ (كمعارضة الدَّلِيل) وَهِي إِقَامَة الدَّلِيل على خلاف مدعي دَلِيل الْخصم (وَلَا تتمّ المناظرة) أَي لَا تَنْتَهِي (إِلَّا بِانْقِطَاع أَحدهمَا) انْقِطَاعًا اعْتَبرهُ المتناظرون (مِثَاله) أَي مِثَال الأول، أَعنِي منع حكم الأَصْل (للشَّافِعِيَّة جلد الْخِنْزِير لَا يقبل الدباغة) أَي لَا يطهر بهَا (لنجاسة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute