الْوَصْف وَمَا سواهُ غصب، وَالْمَنْع الْمَذْكُور وَلَيْسَ مِنْهُمَا، وارتكاب الْغَصْب دَلِيل الْعَجز: وَهَذَا عِنْد الْبَعْض، وَعند غَيره لَيْسَ بِغَصب لِأَنَّهُ وَإِن لم يسْتَدلّ عَلَيْهِ لكنه مِمَّا يتَوَقَّف عَلَيْهِ صِحَة مَا اسْتدلَّ عَلَيْهِ من حكم الْفَرْع، وَيرد عَلَيْهِ أَن تَعْلِيله على هَذَا الْوَجْه يُنَافِي اتفاقه مَعَ غَيره على تَقْدِير الِاسْتِدْلَال: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال أَنه لَا يقبل هَذَا الْمَنْع مُطلقًا غير أَنه يسْتَدلّ لعدم الْقبُول فِي كل صُورَة بطرِيق (وَإِلَّا) لَو فرض أَنه اسْتدلَّ عَلَيْهِ، فَعِنْدَ ذَلِك (لم يسمع الْمَنْع اتِّفَاقًا) من الجدليين المانعين لقبُول هَذَا الْمَنْع وَغَيرهم (لِأَنَّهُ) أَي الْمَنْع (بعد إِقَامَة الدَّلِيل غير مُنْتَظم) عقلا (لِأَنَّهُ) أَي الْمَنْع (طلبه) أَي الدَّلِيل (وَقد حصل) الدَّلِيل فَطَلَبه تَحْصِيل الْحَاصِل، وَيرد عَلَيْهِ أَنه لم يسْتَدلّ على علية الْعلَّة حَتَّى يلْزمه تَحْصِيل الْحَاصِل، بل على حكم الأَصْل. فَالْوَجْه أَن لَا يُفَسر الضَّمِير فِي لم يسْتَدلّ عَلَيْهِ بِحكم الأَصْل كَمَا ذهب إِلَيْهِ الشَّارِح بعلية الْوَصْف (بل) الْمَنْع إِنَّمَا يكون (فِي مقدماته) أَي الدَّلِيل، وعَلى تَقْدِير عدم الِاسْتِدْلَال مَا ثمَّ مُقَدمَات لتمنع فَإِن قلت: قد سبق أَن النَّقْض منع بِسَنَد فَمَا الْفرق بَينه وَبَين الْمَنْع بِلَا سَنَد الْمُوجب سَماع أَحدهمَا قبل الِاسْتِدْلَال دون الآخر قلت: الْفرق أَن الْمَنْع بِلَا سَنَد مورده الْمُقدمَة الْمعينَة، وَحَيْثُ لَا اسْتِدْلَال لَا تعْيين للمقدمات، وَأما الَّذِي منع السَّنَد فمورده مُقَدّمَة لَا على التَّعْيِين والمستدل لَا بُد لَهُ من دَلِيل قبل إبراز الدَّلِيل فَهُوَ بمقدماته مَعْلُوم إِجْمَالا، وَهَذَا الْقدر يَكْفِي فِي النَّقْض الإجمالي (قُلْنَا الْمُلَازمَة) الَّتِي ادَّعَاهَا المانعون بَين الْعُدُول إِلَى الْمَنْع وَالْعجز عَن الْإِبْطَال (مَمْنُوعَة) لجَوَاز الْعُدُول مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهِ لنكتة كالامتحان للمستدل هَل يقدر على إِثْبَات الْعلية أم لَا (وَلَو سلمت) الْمُلَازمَة (لَا يلْزم) من عَجزه عَن إبِْطَال كَون الْوَصْف عِلّة (صِحَّته) أَي صِحَة كَونه عِلّة فِي نفس الْأَمر (لانتفاضه) أَي هَذَا الدَّلِيل (بِكَثِير) من الصُّور الَّتِي يعجز فِيهَا الْمُعْتَرض عَن إبِْطَال الْمُدعى، وَلم يقل بِصِحَّتِهِ أحد، وَإِذا كَانَت هَذِه الْمُلَازمَة الَّتِي جعلت دَلِيل الصِّحَّة منقوضة كَانَت غير مستلزمة لَهَا، فَبَقيَ صِحَة الْعلية مشكوكة، وَالْعلم بِصِحَّة الْقيَاس مَوْقُوف على الْعلم بِصِحَّتِهَا، ثمَّ فِي نُسْخَة (إِذْ يلْزم صِحَة كل مَا عجز الْمُعْتَرض عَن إِبْطَاله حَتَّى دَلِيل الْحُدُوث). وَفِي الشَّرْح العضدي وَالْجَوَاب أَنه يَقْتَضِي أَن كل صُورَة عجز الْمُعْتَرض عَن إِبْطَالهَا فَهُوَ صَحِيح حَتَّى دَلِيل الْحُدُوث وَالْإِثْبَات، بل حَتَّى دَلِيل النقيضين إِذا تَعَارضا، وَعجز كل عَن إبِْطَال دَلِيل الآخر انْتهى. قَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ: يَعْنِي حُدُوث الْعَالم أَو إِثْبَات الصَّانِع، فَإِن الْمَطْلُوب وَإِن كَانَ حَقًا لَكِن لَا يَصح دليلهما بِمُجَرَّد عجز الْمُعْتَرض عَن إِبْطَاله، بل لَا بُد من وَجه دلَالَة وَصِحَّة تَرْتِيب (وَإِذا بَينه) أَي الْمُسْتَدلّ كَون الْوَصْف عِلّة (بِنَصّ لَهُ) أَي للمعترض (الِاعْتِرَاض بِمَا يُمكن) الِاعْتِرَاض بِهِ (على ذَلِك السمعي) من منع دلَالَته وَصَرفه عَن الظَّاهِر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute