للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بهَا على مَا يصدق عَلَيْهِ مُطلق الاستنباط، وَلَيْسَ المُرَاد اعْتِبَار الْأَدْنَى بِعَيْنِه وَنفي الزِّيَادَة، بل المُرَاد الْأَدْنَى سَوَاء تحقق مُنْفَردا، أَو فِي ضمن الْأَوْسَط، أَو الْأَعْلَى، وَلَا جَهَالَة فِيهِ حَتَّى يلْزم فَسَاد التَّعْرِيف، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَهُوَ) أَي المُرَاد (مضبوط) انضباط الْمُطلق إِذا أُرِيد بِهِ الْإِطْلَاق من غير إِرَادَة خُصُوصِيَّة من خصوصياته، فَإِن الْإِيهَام عِنْد ذَلِك، ثمَّ المُرَاد من التَّصْدِيق مَا هُوَ الْمُتَبَادر بِقَرِينَة السِّيَاق، وَهُوَ الْحَاصِل بالاستنباط الْمُتَرَتب على الملكة فَلَا يرد علم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجِبْرِيل بِالْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَة بطرِيق الضَّرُورَة الحاصلين من الْأَدِلَّة بطرِيق الحدس، وَيتَّجه حِينَئِذٍ مَا علم بِالضَّرُورَةِ الدِّينِيَّة فَتَأمل (وعَلى الثَّانِي) أَي بِاعْتِبَار علمية الِاسْم الْمَذْكُور (فَقَالَ كثير) مِمَّن عرفه، وَالْفَاء للتفصيل كَمَا فِي الأول (أما تَعْرِيفه لقبا) حَال من الضَّمِير (ليشعروا) أَي الْكثير مُتَعَلق بقال، يَعْنِي يذكر الْكثير اللقب بدل الْعلم، فَإِن اللقب مِمَّا يدل على الْمَدْح أَو الذَّم، وَهُوَ غير مُحْتَمل هَهُنَا (برفعة مُسَمَّاهُ) أَي الِاسْم لكَونه مَبْنِيّ الْفِقْه الَّذِي هُوَ أهم الْعُلُوم وأنفعها، (و) قَالَ (بَعضهم علما) مَوضِع لقبا (لِأَن التَّعْرِيف) أَي التَّعْرِيف الأسمى (إِفَادَة مُجَرّد الْمُسَمّى) فالمنظور فِيهِ بَيَان مَا وضع لَهُ اللَّفْظ (لَا) إِفَادَة الْمُسَمّى (مَعَ اعْتِبَار ممدوحيته وَإِن كَانَت) الممدوحية (ثَابِتَة) فِي نفس الْأَمر (فَلَا يعْتَرض) على من قَالَ علما بدل لقبا (بثبوتها) أَي الممدوحية بِأَن يُقَال الممدوحية ثَابِتَة فِي نفس الْأَمر، وَلَفظ الْعلم لَا يدل عَلَيْهَا لكَونه أَعم من اللقب فَإِن قلت مُسَمّى الْعلم الشخصي لَا يحد لِأَن مَعْرفَته لَا تحصل إِلَّا بتعين مشخصاته بِالْإِشَارَةِ وَنَحْوهَا، والتعريف غَايَته الْحَد التَّام، وَهُوَ إِنَّمَا يشْتَمل على مقومات الْمَاهِيّة دون مشخصاتها قلت الْحق كَمَا ذكره الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ أَنه يحد بِمَا يُفِيد امتيازه عَن جَمِيع مَا عداهُ بِحَسب الْوُجُود لَا بِمَا يُفِيد تعينه وتشخصه، وَلما ذكر اخْتِلَاف الْقَوْم فِي التَّعْبِير عَن تَعْرِيفه على اعْتِبَار العلمية أَرَادَ أَن يصدر التَّعْرِيف بتوطئة مفيدة لمزيد الانكشاف لَهُ، فَقَالَ (وكل علم) من الْعُلُوم الْمُدَوَّنَة (كثرتا ادراكات) تصورية وتصديقية (ومتعلقاتها) أَي تِلْكَ الادراكات، وَهِي الْمسَائِل وموضوعاتها ومحمولاتها وَمَا يتَعَلَّق بهَا، وَفِيه مُسَامَحَة لِأَن الْعلم عبارَة عَن أَحدهمَا لَا الْمَجْمُوع الْمركب مِنْهُمَا، وَالْمرَاد وجودهما فِي كل علم، وَالْكَثْرَة بِمَعْنى الْكَثِيرَة وَإِضَافَة الكثرتين إِلَى الادراكات كإضافة حُصُول صُورَة الشَّيْء، أَي الادراكات الْكَثِيرَة والمدركات الْكَثِيرَة (وَلها) أَي لتِلْك الْكَثْرَة المتحققة فِي ناحيتي الْإِدْرَاك والمدرك (وحدة غَايَة) أَي وحدة بِاعْتِبَار الْغَايَة، وَهِي الْعلَّة الغائية الباعثة لإقدام الطَّالِب على تَحْصِيله، وَهِي معرفَة الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة المفضية إِلَى السَّعَادَة الدِّينِيَّة والدنيوية (تستتبع) تِلْكَ الْوحدَة (وحدة موضوعها) أَي تِلْكَ الْكَثْرَة يَعْنِي أَن وحدة الْغَايَة تستدعى، وحدة الْمَوْضُوع وَالثَّانيَِة تَابِعَة للأولى، وَذَلِكَ لِأَن الطَّالِب إِذا

<<  <  ج: ص:  >  >>