(وَمِنْهَا) أَي من الْأُمُور الْمَذْكُورَة (الِاسْتِدْلَال) وَهُوَ فِي اللُّغَة طلب الدَّلِيل، وَفِي الْعرف إِقَامَته، وَالْمرَاد مِنْهُ هَهُنَا (قيل مَا لَيْسَ بِأحد) الْأَدِلَّة (الْأَرْبَعَة فَيخرج) من هَذَا التَّعْرِيف (قِيَاس الدّلَالَة) وَهُوَ على مَا سبق مَا لَا يذكر فِيهِ الْعلَّة بل وصف ملازم لَهَا نَحْو النَّبِيذ حرَام كَالْخمرِ بِجَامِع الرَّائِحَة المشتدة (وَمَا فِي معنى الأَصْل تَنْقِيح المناط) عطف بَيَان للموصول، وَهُوَ الْجمع بَين الأَصْل وَالْفرع بإلغاء الْفَارِق كقياس الْبَوْل فِي إِنَاء وصبه فِي المَاء الدَّائِم على الْبَوْل فِيهِ الْمنْهِي عَنهُ فِي الْخَبَر الصَّحِيح لعدم الْفرق بَينهمَا فِيمَا يقْصد بِالْمَنْعِ كَمَا يخرج قِيَاس الْعلَّة الْمُصَرّح فِيهِ بِالْعِلَّةِ نَحْو: محرم النَّبِيذ كَالْخمرِ للإسكار لاندراجه فِي الْأَرْبَعَة، فَإِن الْقيَاس الْمُطلق يعم الْكل (وَقد يُقيد الْقيَاس) الْمَنْفِيّ (بِقِيَاس الْعلَّة) فَإِنَّهُ الْمُتَبَادر من الْقيَاس الْمَعْدُود من الْأَرْبَعَة (فيدخلانه) أَي فعلى هَذَا يدْخل قِيَاس الدّلَالَة وَمَا فِي معنى الأَصْل فِي الِاسْتِدْلَال (واختير أَن أَنْوَاعه) أَي الِاسْتِدْلَال ثَلَاثَة على مَا صرح ابْن الْحَاجِب (شرع من قبلنَا، والاستصحاب، والتلازم، وَهُوَ) التلازم (المفاد بالاستثنائي والاقتراني بضروبهما) الْجَار وَالْمَجْرُور بدل من الْجَار وَالْمَجْرُور، أَو الْمَعْنى ملحوظين بِاعْتِبَار جَمِيع ضروبهما، وَذَلِكَ لِأَن حَاصِل الأول الحكم بِلُزُوم شَيْء لشَيْء، ثمَّ الحكم بِوُجُود الْمَلْزُوم فينتج وجود اللَّازِم، أَو الحكم بِانْتِفَاء اللَّازِم فَيُفِيد انْتِفَاء الْمَلْزُوم، ومرجع ضروب الاقتراني إِلَى الشكل الأول، وَحَاصِله لُزُوم مَحْمُول النتيجة للأوسط اللَّازِم لموضوعها فَيثبت محمولها لموضوعها بِالضَّرُورَةِ، فَظهر أَن مفَاد الْكل اللُّزُوم الْمُفِيد للمطلوب (وَقدمنَا زِيَادَة ضرب) للاستثنائي هِيَ على مَا أثْبته الْقَوْم حَاصله (فِي) صُورَة (تَسَاوِي الْمُقدم والتالي) كَأَن كَانَ هَذَا وَاجِبا فتاركه يسْتَحق الْعقَاب لكنه لَا يسْتَحق الْعقَاب، فَإِن الْمَفْرُوض مُسَاوَاة الِاسْتِحْقَاق وَالْوُجُوب، فانتفاء أحد المتساويين يسْتَلْزم انْتِفَاء الآخر، وَإِن كَانَ هَذَا وَاجِبا فتاركه يسْتَحق الْعقَاب لَكِن تَاركه يسْتَحق الْعقَاب فَهُوَ لَيْسَ بِوَاجِب، وَإِنَّمَا اعتبرها ضربا وَاحِدًا، لِأَن منَاط الْكل أَمر وَاحِد وَهُوَ التَّسَاوِي (وَكَذَا) زِيَادَة ضرب (فِي الاقتراني) وَهُوَ الْمركب من كَلِمَتَيْنِ صغرى سالبة وكبرى مُوجبَة مُتَسَاوِيَة الطَّرفَيْنِ كلا شَيْء من الْإِنْسَان بصهال وكل صهال فرس فَلَا شَيْء من الْإِنْسَان بفرس (إِلَّا أَنه) أَي التلازم الْمَذْكُور (هُنَا) أَي فِي هَذَا الْمقَام مَحْمُول (على خُصُوص) من مُطلق التلازم (هُوَ إِثْبَات أحد موجبي الْعلَّة بِالْآخرِ فتلازمهما) أَي موجبهما، وهما الحكمان إِنَّمَا يكون (بِلَا تعْيين عِلّة) مُوجبَة لَهما (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن كَذَا بل يتَعَيَّن عِلّة جَامِعَة (فَقِيَاس) أَي فإثباته بهَا قِيَاس (وَيكون) التلازم (بَين ثبوتين) بَينهمَا اطراد وانعكاس كَمَا إِذا تساوى الْمُقدم والتالي أَو اطراد من طرف وَاحِد من غير انعكاس كَمَا إِذا كَانَ التَّالِي أَعم من الْمُقدم (كمن صَحَّ طَلَاقه صَحَّ ظِهَاره
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute