الْحَقِيقِيَّة أَو طردا فَقَط كَمَا هُوَ مَانِعَة الْجمع، أَو عكسا فَقَط كَمَا هُوَ مَانِعَة الْخُلُو: وَلَا يخفى مَا فِيهِ لعدم ذكر التَّنَافِي فِي هَذَا السِّيَاق، وَتَقْرِيره بَين فَالْوَجْه أَن يُقَال: الْمَعْنى أَنه لَا بُد من كَون طرفِي التلازم الْوَاقِع بَين النفيين، طردا وعكسا، أَو ذَا طرد فَقَط، أَو ذَا عكس فَقَط فَإِن قلت: على هَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَن يُقَال وَلَا بُد من كَونهمَا: أَي النفيين طردا الخ، لِأَن طرفِي التلازم عبارَة عَنْهُمَا قلت: قصد التَّعْمِيم على وَجه يَشْمَل النفيين والمنفيين، فَإِن المُرَاد بالطرد وَالْعَكْس هَهُنَا كليتان فِي جَانِبي النَّفْي وَالْإِثْبَات (لَا يَصح التَّيَمُّم بِلَا نِيَّة فَلَا يَصح الْوضُوء) بِلَا نِيَّة خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف: أَي مِثَاله لَا يَصح الخ (وَهُوَ) أَي ثُبُوت التلازم بَين النفيين (أَيْضا بالاطراد) كَمَا أَنه بَين الثبوتين كَذَلِك (ويقوى) اللُّزُوم الْحَاصِل بالاطراد (بالانعكاس) على طبق مَا سبق: أَي كل تيَمّم يَصح بِالنِّيَّةِ، وكل وضوء يَصح بِالنِّيَّةِ: وَهَذَا عِنْد الشَّافِعِيَّة. وَأما عِنْد الْحَنَفِيَّة فالتلازم طردا وعكسا فِي أحد الطَّرفَيْنِ فَقَط، وَهُوَ التَّيَمُّم، بِخِلَاف الْوضُوء فَإِنَّهُ لَا يَصح عِنْدهم كل وضوء بِالنِّيَّةِ كَمَا لَا يخفى انْتهى. وَيفهم مِنْهُ أَنه يعْتَبر الاطراد والانعكاس فِي كل من طرفِي التلازم: وَهَذَا خبط آخر، بل الانعكاس فِيهِ لُزُوم عدم صِحَة التَّيَمُّم بِغَيْر نِيَّة لعدم صِحَة الْوضُوء بِغَيْر نِيَّة كَعَكْسِهِ (ويقرر) ثُبُوت التلازم بَين النفيين إِذا كَانَا أثرين لمؤثر (بِانْتِفَاء أحد الأثرين، فالآخر) أَي فَيلْزم انْتِفَاء الآخر لانْتِفَاء الْمُؤثر لفرض ثبوتهما أثرا لوَاحِد وَلَيْسَ فرض كَون الثَّوَاب وَاشْتِرَاط النِّيَّة أثرين لِلْعِبَادَةِ (يُوجِبهُ) أَي يُوجب التلازم بَين النفيين، أَعنِي عدم صِحَة التَّيَمُّم بِلَا نِيَّة، وَعدم صِحَة الْوضُوء بِلَا نِيَّة (على) مَذْهَب (الْحَنَفِيّ) لعدم اشْتِرَاط صِحَة الْوضُوء بِالنِّيَّةِ عِنْدهم وَعدم لُزُوم الثَّوَاب لصِحَّته، بِخِلَاف صِحَة التَّيَمُّم فَإِنَّهُ يشْتَرط صِحَّته بِالنِّيَّةِ وَيلْزمهُ الثَّوَاب وَالْعِبَادَة (و) يكون التلازم (بَين نفي مُلْزم للثبوت) وَبَين الثُّبُوت اللَّازِم لَهُ حذفه لانسياق الذِّهْن لَهُ (وَعَكسه) أَي وَبَين ثُبُوت ملزوم للنَّفْي، وَنفي لَازم لَهُ، مِثَال الأول (مُبَاح فَلَيْسَ بِحرَام) فَإِن كَون الشَّيْء مُبَاحا ثُبُوت لَازمه نفي الْحُرْمَة فبينهما تلازم بِمَعْنى أَن نفي الْحُرْمَة ملازم للْإِبَاحَة من غير أَن تذكر الْإِبَاحَة لَازِمَة لنفي الْحُرْمَة لتحَقّق هَذَا النَّفْي فِي ضمن الْوُجُوب وَمِثَال الثَّانِي (لَيْسَ جَائِزا فَحَرَام) فَإِن كَون الشَّيْء منفي الْجَوَاز يلْزمه الْحُرْمَة وَكَذَلِكَ عَكسه، فالتلازم هَهُنَا من الطَّرفَيْنِ (ويقرران) أَي هَذَانِ التلازمان (بِإِثْبَات التَّنَافِي بَينهمَا) أَي بَين الثُّبُوت والمنفي، لَا بَين الثُّبُوت وَالنَّفْي كَمَا يُوهِمهُ ظَاهر الْعبارَة لعدم التَّنَافِي بَين الْإِبَاحَة وَنفي الْحُرْمَة مثلا، بل نَفيهَا لَازم للْإِبَاحَة (أَو) بِإِثْبَات التَّنَافِي بَين (لوازمهما) أَي لَوَازِم الثُّبُوت والمنفي كالتأثيم اللَّازِم لِلْحَرَامِ وَعَدَمه اللَّازِم للمباح والجائز، فَإِن تنَافِي اللوازم يسْتَلْزم تنَافِي الملزومات (وَيرد عَلَيْهَا) أَي على الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة من الاعتراضات (منع اللُّزُوم كالحنفي) أَي كمنعه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute