للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل إِن فسرا بالجروح وَالْعدْل. قَالُوا: والبحث فِي زَمَاننَا عَن أَحْوَال الروَاة مَعَ طول الْمدَّة وَكَثْرَة الوسائط كالمتعذر، فَالْأولى الِاكْتِفَاء بتعديل الْأَئِمَّة الْمَعْرُوف صِحَة مَذْهَبهم فِي التَّعْدِيل وَالْجرْح (وَعدم الْقَاطِع) بِالرَّفْع عطفا على الْمعرفَة، وَهُوَ الدَّلِيل الْقطعِي المتحقق فِي مَحل الحكم (و) عدم (النّسخ) لما يقْصد استنباط الحكم مِنْهُ من الْكتاب وَالسّنة، فَلَزِمَ من هَذَا معرفَة مواقع الْإِجْمَاع، لِأَن الْإِجْمَاع دَلِيل قَطْعِيّ، وَشرط الِاجْتِهَاد أَن لَا يكون خلاف مَا أدّى إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد مَقْطُوعًا بِهِ (و) شَرط (الْخَاص) بِالْجَرِّ عطفا على مطلقه (مِنْهُ) أَي من الِاجْتِهَاد معرفَة (مَا يحْتَاج إِلَيْهِ) الْمُجْتَهد بِالِاجْتِهَادِ الْخَاص: أَي الْمُقَيد بِبَعْض الْأَحْكَام (من) جملَة (ذَلِك) الْمَذْكُور من متن الْكتاب وَالسّنة والسند، والظرف حَال من الضَّمِير الرَّاجِع إِلَى الْمَوْصُول (فِيمَا) يَقع (فِيهِ) ذَلِك الِاجْتِهَاد، وَالْخَاص ظرف للاحتياج (كَذَا) أَي كَمَا ذكرنَا من الِاقْتِصَار على معرفَة مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي الْخَاص مِنْهُ، وَوَقع (لكثير) من الْمَشَايِخ فِي بَيَان هَذَا الشَّرْط (بِلَا حِكَايَة عدم جَوَاز تجزي الِاجْتِهَاد) فَعدم حكايتهم ذَلِك يدل على أَنه لم يثبت عِنْدهم خلاف فِي جَوَاز التجزي (كَأَنَّهُمْ لَا يعرفونها) فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَن حكايته أَمر مُتَحَقق، غير أَنهم مَا يعرفونها، وَإِلَى أَنه لَيْسَ لَهَا اشتهار تَامّ فَهُوَ دَلِيل على قُوَّة القَوْل بِجَوَاز التجزي (وَعَلِيهِ) على جَوَازه (فرع) أَنه يجوز (اجْتِهَاد الفرضي) نِسْبَة إِلَى الْفَرَائِض، فَإِن النِّسْبَة إِلَى الْجمع فِي علم الْفَرَائِض ترده إِلَى الأَصْل، وإلحاق الْيَاء (فِي) علم (الْفَرَائِض دون غَيره) أَي من غير أَن يجْتَهد فِي غير علم الْفَرَائِض من الْعُلُوم لعدم بُلُوغه رُتْبَة الِاجْتِهَاد فِيهَا (وَقد حكيت) هَذِه المسئلة ذكر فِيهَا الْجَوَاز، وَهُوَ قَول بعض أَصْحَابنَا ومختار الْغَزالِيّ، وَنسبه السُّبْكِيّ وَغَيره إِلَى الْأَكْثَر وَقَالَ أَنه الصَّحِيح. وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: هُوَ الْمُخْتَار، وَسَيذكر المُصَنّف أَنه الْحق. (وَاخْتَارَ طَائِفَة نَفْيه) أَي نفي جَوَاز التجزي (مُطلقًا لِأَنَّهُ) أَي الْمُجْتَهد (وَإِن ظن حُصُول كل مَا يَحْتَاجهُ) أَي إِلَيْهِ (لَهَا) أَي للمسئلة الْمُجْتَهد فِيهَا (احْتمل غيبَة بعضه) أَي بعض مَا يحْتَاج إِلَيْهِ (عَنهُ) أَي الْمُجْتَهد صلَة الْغَيْبَة. كلمة أَن وصلية، تَقْدِير الْكَلَام احْتمل وَإِن ظن، ثمَّ رد هَذَا التَّعْلِيل بقوله (وَهَذَا الِاحْتِمَال) أَي احْتِمَال غيبَة بعض الْمُحْتَاج إِلَيْهِ فِي الِاجْتِهَاد الْخَاص (كَذَلِك) أَي كاحتمال غيبَة بعض الْمُحْتَاج إِلَيْهِ فِي الِاجْتِهَاد (الْمُطلق) فَإِن كَانَ مَانِعا من جَوَاز الِاجْتِهَاد هَهُنَا كَانَ مَانِعا هُنَاكَ، ثمَّ أَشَارَ إِلَى الْفرق بَينهمَا بقوله (لكنه) أَي الِاحْتِمَال الْمَذْكُور (يضعف فِي حَقه) أَي الْمُجْتَهد الْمُطلق لِأَن غيبَة الْبَعْض لَا تنفد فِي حَقه (ل) عدم (سعته) التَّامَّة (ويقوى فِي غَيره، وَقد يمْنَع التَّفَاوُت) بَينهمَا بِاعْتِبَار الْقُوَّة والضعف (بعد كَون الآخر) الَّذِي لَيْسَ بمجتهد مُطلقًا (قَرِيبا) من رُتْبَة الْمُجْتَهد الْمُطلق محصلا فِيمَا يخص بِهِ فِي جَمِيع مَا حصله الْمُطلق: وَلذَلِك ترى أَن من صرف عمره

<<  <  ج: ص:  >  >>