تَقْلِيد الْمَفْضُول فِي ذَلِك الزَّمَان: أَي عِنْد مُخَالفَته للْكُلّ (من صورها) أَي من صور مسئلة جَوَاز تَقْلِيد الْمَفْضُول، فَإِذا انْعَقَد الْإِجْمَاع على هَذِه الصُّورَة يلْزم انْعِقَاده على جَمِيع الصُّور بِخِلَاف مَا إِذا لم يكن تَقْلِيد الْمَفْضُول فِي زمانهم عِنْد مُخَالفَته للْكُلّ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يثبت جَمِيع صور هَذِه المسئلة وَثُبُوت هَذَا صَعب. (وَاسْتدلَّ) للْأولِ (بتعذر التَّرْجِيح للعامي) اللَّام مُتَعَلق بالتعذر يَعْنِي لَو منع عَن تَقْلِيد الْمَفْضُول لزم على المستفتى معرفَة من هُوَ فِي الْعلم أرجح، وَهَذَا معنى التَّرْجِيح وَالتَّرْجِيح مُتَعَذر فِي حق الْعَاميّ فَيلْزم فِي حَقه الْحَرج، وَلَا حرج فِي الدّين فَإِن قلت هَذَا يُفِيد الْجَوَاز فِي حق الْعَاميّ لَا فِي حق غَيره، وَجَوَاز تَقْلِيد الْمَفْضُول يعم الْكل قلت يجوز أَن يكون مُرَادهم من اطلاق تَجْوِيز تَقْلِيد الْمَفْضُول تَقْلِيد الْعَاميّ. وَأما غير الْعَاميّ فَلَا يجوز لَهُ ذَلِك، وَيُؤَيّد تَقْيِيد تعذر التَّرْجِيح بالعامي لَكِن الْأَوْجه أَن يكون غير الْعَاميّ مثله فِي هَذَا التجويز لِأَن مَعْرفَته أقل مَرَاتِب على من هُوَ أَعلَى مِنْهُ فِي الْعلم فيتعذر، وَالتَّرْجِيح فرع ذَلِك، كَيفَ والأعلم أحَاط بِمَا لم يحط بِهِ غَيره، وَمن الْجَائِز أَنه إِذا بلغ مبلغه انْقَلب رَأْيه فَلَا عِبْرَة بترجيحه، وَيُؤَيّد مَا قُلْنَا مَا نقل من أَن الْمُخْتَار عِنْد ابْن الْحَاجِب أَنه كالعامي الصّرْف لعَجزه عَن الِاجْتِهَاد على مَا ذكر فِي مسئلة لُزُوم التَّقْلِيد لغير الْمُجْتَهد (أُجِيب بِأَنَّهُ) أَي التَّرْجِيح غير مُتَعَذر من الْعَاميّ بل يظْهر لَهُ (بِالتَّسَامُعِ) من النَّاس وبرجوع الْعلمَاء إِلَيْهِ وَعدم رُجُوعه إِلَيْهِم وَكَثْرَة المستفتين. قَالَ (المانعون) من تَقْلِيد الْمَفْضُول (أَقْوَالهم) أَي الْمُجْتَهدين بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُقَلّد (كالأدلة للمجتهد) أَي كالأدلة المتعارضة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُجْتَهد، فَاللَّام فِي قَوْله للمجتهد لاخْتِصَاص الْأَدِلَّة بِهِ، فَلَا يجوز للمقلد الْعَمَل بِأحد الْأَقْوَال بِدُونِ التَّرْجِيح كَمَا لَا يجوز للمجتهد الْعَمَل بِأحد الْأَدِلَّة دون التَّرْجِيح (فَيجب) على الْمُقَلّد (التَّرْجِيح) أَي تَرْجِيح من يُرِيد تَقْلِيده على غَيره من الْمُجْتَهدين. (أُجِيب) بِأَن هَذَا قِيَاس (لَا يُقَاوم مَا ذكرنَا) من الْإِجْمَاع لتقدم الْإِجْمَاع على الْقيَاس إِجْمَاعًا (وَعلمت مَا فِيهِ) أَي فِيمَا ذكرنَا من أَنه يتَوَقَّف على كَونه إِلَى آخِره (وبعسره) مَعْطُوف على جَار ومجرور مُقَدّر صلَة لأجيب وَالتَّقْدِير وَأجِيب بعسر التَّرْجِيح (على الْعَاميّ) بِخِلَاف الْمُجْتَهد فَإِنَّهُ لَا يعسر عَلَيْهِ التَّرْجِيح بَين الْأَدِلَّة (وَلَا يخفى أَنه) أَي التَّرْجِيح (إِذا كَانَ بِالتَّسَامُعِ لَا عسر عَلَيْهِ) أَي على الْعَاميّ (وَكَون الِاجْتِهَاد) مُطلقًا هُوَ (المناط) لجَوَاز التَّقْلِيد لَا بِشَرْط شَيْء، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (لَا يُقيد) أَي لَا يُقيد بِقَيْد، وَالْجُمْلَة حَال عَن الِاجْتِهَاد فَلَا يتَوَقَّف الْجَوَاز إِلَّا على الِاجْتِهَاد فمهما تحقق الِاجْتِهَاد جَازَ التَّقْلِيد (لنا مَنعه) خبر الْمُبْتَدَأ، أَعنِي الْكَوْن الْمُضَاف، والعائد الضَّمِير الْمَجْرُور، يَعْنِي لَا نسم ترَتّب جَوَاز التَّقْلِيد على مُجَرّد الِاجْتِهَاد فِي جَمِيع الصُّور، لأَنا نمْنَع ترتبه عَلَيْهِ (عِنْد مُخَالفَة) الْمُجْتَهد (الْمَفْضُول الْكل) أَي كل من أفضل مِنْهُ، فَعلم أَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute