الِاسْتِدْلَال بإنما الْأَعْمَال) بِالنِّيَّاتِ (على شَرط النِّيَّة فِي الْوضُوء) بِأَن الْوضُوء عمل وَلَا عمل إِلَّا بِالنِّيَّةِ، لِأَن كلمة إِنَّمَا تفِيد الْحصْر كَمَا وَإِلَّا، وَكلمَة على صلَة الِاسْتِدْلَال (بل) إِنَّمَا أجابوا (بِتَقْدِير الْكَمَال أَو الصِّحَّة) لِأَنَّهُ لَو لم يقدر مثل ذَلِك لم يَصح الْكَلَام للْقطع بِوُجُود الْعَمَل بِلَا نِيَّة كعمل الساهي، فَالْمُرَاد لَا كَمَال للأعمال أَو لَا صِحَة لَهَا إِلَّا بِالنِّيَّةِ وكمالها: أَي يَتَرَتَّب عَلَيْهَا الثَّوَاب إِن كَانَت من الْعِبَادَة أَو الْأَثر الْمَطْلُوب مِنْهَا إِن كَانَت من الْمُعَامَلَات (وَهُوَ) أَي تَقْدِير الْكَمَال أَو الصِّحَّة (الْحق) وَيحْتَمل أَن يكون الْمَعْنى أَن الْعُدُول عَن الْمَنْع الْمَذْكُور إِلَى التَّقْدِير فِي الْجَواب هُوَ الْحق ثمَّ أَنه أورد على تَقْدِير الصِّحَّة أَن نفي الْأَعْمَال مُطلقًا بِدُونِ النِّيَّة غير مُسلم، كَيفَ والضوء عِنْدهم يَصح بِدُونِهَا؟ فَأَشَارَ إِلَى الْجَواب بقوله (وَلَا يَصح الْوضُوء عبَادَة إِلَّا بِالنِّيَّةِ) يَعْنِي المُرَاد من الْأَعْمَال الْعِبَادَات على اعْتِبَار تَقْدِير الصِّحَّة فَإِن قلت الْأَعْمَال جمع محلى بِاللَّامِ، وَهُوَ من صِيغ الْعُمُوم قلت الْعُمُوم لَيْسَ بِمُرَاد قطعا، لِأَن الْأَعْمَال العادية لَا مدْخل للنِّيَّة فِيهَا لَا سِيمَا السَّيِّئَات، ثمَّ بَين أَن الْوضُوء الَّذِي يتَوَقَّف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا هُوَ مُطلق الْوضُوء لَا الْمُقَيد بِوَصْف الْعِبَادَة بقوله (لَكِن منعُوا) أَي الْحَنَفِيَّة (توقف صِحَة الصَّلَاة على وضوء هُوَ عبَادَة كباقي الشُّرُوط) كستر الْعَوْرَة وتطهير الثِّيَاب وَغير ذَلِك أَي لم يتَوَقَّف الصَّلَاة على وضوء هُوَ عبَادَة كَمَا لم يتَوَقَّف على ستر هُوَ عبَادَة، بل يتَوَقَّف على مُطلق السّتْر سَوَاء كَانَ عبَادَة بمقارنة النِّيَّة أَو لَا، قيل عدم مَنعهم لَيْسَ لتسليمهم إِفَادَة إِنَّمَا الْحصْر، بل لِأَن الْحصْر أَمر مُسلم لكَونه مستفادا من عُمُوم الْأَعْمَال بِاللَّامِ، فَالْمَعْنى كل عمل بنية، وَقد عرفت أَن الْعُمُوم لَيْسَ بِمُرَاد قطعا على أَن الْكَلَام فِي معرض التأييد لَا الْحجَّة، لِأَن الْمُسْتَند فِي قَول الْحَنَفِيَّة بالحصر إِنَّمَا هُوَ النَّقْل (لنا يفهم مِنْهُ الْمَجْمُوع) مُبْتَدأ وَخَبره نَحْو تسمع بالمعيدي خير من أَن ترَاهُ تَقْدِيره فهم الْمَجْمُوع من النَّفْي وَالْإِثْبَات من إِنَّمَا حجَّة لنا (فَكَانَ) إِنَّمَا مَوْضُوعا (لَهُ) أَي للمجموع، لِأَن فهم الْمَعْنى من اللَّفْظ من غير احْتِيَاج إِلَى قرينَة دَلِيل الْوَضع (وَكَون النَّافِي الْمَعْهُود) إفادته النَّفْي (منتفيا) إِنَّمَا (لَا يسْتَلْزم نَفْيه) أَي نفي النَّفْي الَّذِي يتضمنه الْحصْر، أَو نفي الْفَهم الْمَذْكُور، جَوَاب سُؤال تَقْدِيره دلَالَة إِنَّمَا على النَّفْي وَالِاسْتِثْنَاء غير مُسْتَقِيم، لِأَن الْمَوْضُوع الْمَعْهُود للنَّفْي كلمة لَا وَنَحْوهَا لَا إِنَّمَا، (لِأَن مُوجب الِانْتِقَال) بِكَسْر الْجِيم (الْوَضع) خبران: أَي وضع لفظ بل وضع لشَيْء مَعَ الْعلم بِالْوَضْعِ (لَا) الْوَضع (بِشَرْط لفظ خَاص) كَمَا وَلَا وَحَتَّى إِذا لم يُوجد لم يُوجد الِانْتِقَال (وَكَون فهمه) أَي الْمَجْمُوع من النَّفْي وَالْإِثْبَات من إِنَّمَا (لَا يستلزمه) أَي وَضعهَا لَهُ (لجوازه) أَي فهمه (بِالْمَفْهُومِ) الْمُخَالف (لَا يَنْفِي الظُّهُور) خبر الْمُبْتَدَأ: يَعْنِي أَن جَوَاز انفهامه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute