الدّلَالَة، وَلَا مَحْظُور فِي أَن يُخَالف فَخر الْإِسْلَام إِذا وَافق غَيره على أَنه يجوز أَن فَخر الْإِسْلَام لما رأى أَن لفظ الْمُفَسّر يسْتَعْمل تَارَة فِي هَذَا، وَتارَة فِي ذَاك جعله بِإِزَاءِ مَا يعمهما اصْطِلَاحا مِنْهُ وَلَا مشاحه فِيهِ (وان) بَين المُرَاد بِمَا فِيهِ خَفَاء من الْأَقْسَام الْمَذْكُورَة (بظني) كَخَبَر الْوَاحِد وَبَعض الأقيسة (فمؤول) ذكره تَقْرِيبًا وتتميما لبَيَان مَا بَين مِنْهُ المُرَاد (وَمَعَ عَدمه) أَي عدم اعْتِبَار ظُهُور مَا سيق لَهُ مَعَ عدم احْتِمَال غير النّسخ وَمَعَ عدم احْتِمَاله، وَيفهم هَذَا من سِيَاق الترقي من الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى، وَيحْتَمل أَن يرجع ضمير عَدمه إِلَى مُطلق الِاحْتِمَال، وبنفي الْمُطلق يحصل الْمَقْصُود (فِي زَمَانه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) قَيده بذلك الزَّمَان، لِأَن احْتِمَاله لَا يتَصَوَّر بعد مَوته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لانْقِطَاع الْوَحْي، فَجَمِيع السمعيات مُتَسَاوِيَة فِي عدم احْتِمَاله كَمَا سَيذكرُهُ (الْمُحكم) وَلَا يخفى وَجه التَّسْمِيَة وَهُوَ (حَقِيقَة عرفية) مُخْتَصَّة بالأصوليين (فِي الْمُحكم لنَفسِهِ) وَهُوَ مَا لَا يحْتَمل النّسخ لَا فِي زَمَانه وَلَا فِي غَيره: كالآيات الدَّالَّة على وجود الصَّانِع ووحدانيته وَسَائِر صِفَاته، وعَلى الْأَخْبَار عَمَّا كَانَ أَو سَيكون عِنْد الْجُمْهُور لِامْتِنَاع التَّغَيُّر فِي مدلولاتها وَلُزُوم الْكَذِب (وَالْكل) من الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة وَغَيرهَا من السمعيات (بعده) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مُحكم لغيره) وَهُوَ انْقِطَاع الْوَحْي فَإِن قلت قَوْله الْكل يَشْمَل الْمُحكم لنَفسِهِ أَيْضا قلت فليشمل، غَايَة الْأَمر لُزُوم كَونه محكما لنَفسِهِ وَغَيره (يلْزمه) أَي لفظ الْمُحكم عِنْد إِطْلَاقه على الْمُحكم لغيره أَو يلْزم الْمُحكم لغيره عِنْد إِطْلَاق لفظ الْمُحكم عَلَيْهِ (التَّقْيِيد) بِقَيْد لغيره (عرفا) أصوليا تمييزا بَين الصِّنْفَيْنِ فِي اللَّفْظ بعد اشتراكهما فِي الْمَعْنى اللّغَوِيّ: وَهُوَ الإتقان والإحكام الْمنَافِي للتغيير والتبديل وَإِنَّمَا لزم التَّقْيِيد فِي الثَّانِي، لِأَن الأول أكمل فِي معنى الإحكام فَيَنْصَرِف الْمُطلق إِلَيْهِ، ثمَّ قبل زِيَادَة الوضوح فِي النَّص على الظَّاهِر بِكَوْنِهِ مسوقا لَهُ، وَفِي الْمُفَسّر بِكَوْنِهِ لَا يحْتَمل التَّأْوِيل والتخصيص، وَأما فِي الْمُحكم فَغير ظَاهر، لِأَن عدم احْتِمَال النّسخ لَا يُؤثر فِي زِيَادَة الوضوح فِي النَّص على الظَّاهِر بِكَوْنِهِ، وَأجِيب بِأَن المُرَاد بِزِيَادَة الوضوح فِيهِ لازمها وَهُوَ زِيَادَة الْقُوَّة، ثمَّ إِذا كَانَت الْأَقْسَام متمايزة بقيود متباينة (فَهِيَ متباينة) هَذَا على مَا هُوَ الْمَشْهُور عِنْد الْمُتَأَخِّرين، فَيشْتَرط فِي الظَّاهِر عدم السُّوق، وَفِي النَّص احْتِمَال التَّخْصِيص والتأويل: أَي أَحدهمَا، وَفِي الْمُفَسّر احْتِمَال النّسخ، وَأما مُقْتَضى كَلَام الْمُتَقَدِّمين فَهُوَ أَن الْمُعْتَبر فِي الظَّاهِر ظُهُور المُرَاد سَوَاء سيق لَهُ أَولا، وَفِي النَّص السُّوق احْتمل أَولا، وَفِي الْمُفَسّر عدم احتمالهما احْتمل النّسخ أَولا على مَا سَيَجِيءُ (وَلَا يمْتَنع الِاجْتِمَاع) أَي اجْتِمَاع قسمَيْنِ مِنْهَا فَأكْثر (فِي لفظ) وَاحِد (بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا سيق إِلَيْهِ وَعَدَمه) عطف على الْمَوْصُول وَالضَّمِير لَهُ، فَالْمُرَاد بِعَدَمِهِ مَا لم يسق لَهُ من بَاب ذكر اللَّازِم وَإِرَادَة الْمَلْزُوم مَعَ ظُهُور الْقَرِينَة، وَيجوز أَن يكون عَدمه على صِيغَة الْمَاضِي، من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute