تَقْدِير الصِّحَّة لِأَنَّهُ) أَي تقديرها (أقرب إِلَى نفي الذَّات) من تَقْدِير الْكَمَال يَعْنِي أَن الْحَقِيقَة المعتذرة هِيَ نفي الذَّات، وَعند تعذرها يتَعَيَّن الْأَقْرَب إِلَيْهَا فَإِن قلت قد سبق أَن نفي الْوُجُود أظهر وَهُوَ أقرب إِلَيْهِ قُلْنَا الْمَفْرُوض عدم الصِّحَّة جزئية من مَفْهُوم الِاسْم، وَعند ذَلِك يتَحَقَّق الْمَفْهُوم بِدُونِ الصِّحَّة، وكما أَن نفي الذَّات غير صَحِيح، لِأَنَّهُ خلاف الْوَاقِع كَذَلِك نفي الْوُجُود بِدُونِ الصِّحَّة غير صَادِق فَلَا تصح إِرَادَته فَتعين أَن يُرَاد نفي الصِّحَّة (وَهَذَا) أَي التَّعْلِيل بالأقربية على إِرَادَة نفي الصِّحَّة (تَرْجِيح لإِرَادَة بعض المجازات المحتملة) أَي بعض الْمعَانِي المجازية الَّتِي يحْتَملهُ اللَّفْظ بِحَسب الْمقَام على الْبَعْض (لَا إِثْبَات اللُّغَة بالترجيح) فَإِنَّهُ غير جَائِز على مَا ذهب إِلَيْهِ الْجُمْهُور من عدم جَوَاز إِثْبَات اللُّغَة بِالْقِيَاسِ خلافًا للْقَاضِي وَابْن سُرَيج، وَبَعض الْفُقَهَاء، وَإِنَّمَا الْخلاف فِي تَسْمِيَة مسكوت عَنهُ باسم إِلْحَاقًا لَهُ بِمَعْنى يُسمى بذلك الِاسْم لِمَعْنى تَدور التَّسْمِيَة بِهِ مَعَه كَمَا بَين فِي مَوْضِعه، وكما أَنه لَا يجوز بِالْقِيَاسِ كَذَلِك لَا يجوز بالترجيح لاشْتِرَاكهمَا فِي الْعلَّة، وَهِي عدم صِحَة الحكم بِوَضْع اللَّفْظ بالمحتمل (قَالُوا) أَي المجملون (الْعرف فِيهِ) أَي فِيمَا يَنْفِي من الْأَفْعَال الشَّرْعِيَّة (مُشْتَرك بَين الصِّحَّة والكمال) يَعْنِي كَمَا أَنه يُرَاد بِهِ نفي الصِّحَّة عرفا فِي بعض الْموَاد كَذَلِك يُرَاد بِهِ نفي الْكَمَال عرفا فِي بعض آخر، (ف) إِذا كَانَ اللَّفْظ مُشْتَركا عرفا بَين الْمَعْنيين (لزم الْإِجْمَال قُلْنَا) الِاشْتِرَاك بَينهمَا عرفا (مَمْنُوع بل) إِرَادَة نفي الْكَمَال فِي بعض الاستعمالات الشَّرْعِيَّة مجَازًا (لاقْتِضَاء الدَّلِيل) الدَّال على أَن المُرَاد نفي الْكَمَال (فِي خصوصيات الْمَوَارِد) فَهُوَ قرينَة مُعينَة للمعنى الْمجَازِي مُخْتَصَّة بموارد جزئية، وَعند انْتِفَاء تِلْكَ الْقَرِينَة يتَعَيَّن الْمجَازِي الْأَقْرَب إِلَى الْحَقِيقَة على مَا ذكر من غير مزاحمة مجازى آخر فَلَا إِجْمَال.
الْمَسْأَلَة (الْخَامِسَة لَا إِجْمَال فِي الْيَد وَالْقطع فَلَا إِجْمَال فِي فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا) يَعْنِي لَو كَانَ فِيهِ إِجْمَال لَكَانَ باعتبارهما، لِأَن غَيرهمَا من الْأَجْزَاء لَا يتَوَهَّم فِيهِ ذَلِك، وَإِذا لم يكن فِي شَيْء مِنْهُمَا لزم نفي الْإِجْمَال فِيهِ مُطلقًا (و) قَالَ (شرذمة) بِالْكَسْرِ: أَي قَلِيل من النَّاس (نعم) حرف إِيجَاب يُقرر مَا قبلهَا خبريا أَو إستفهاميا مثبتا أَو منفيا، يَعْنِي نعم فِيهَا إِجْمَال (فَنعم) أَي فَفِي فَاقْطَعُوا إِلَى آخِره إِجْمَال باعتبارهما، وَقد سبق أَن فِي أَمْثَاله الْإِجْمَال فِي الْمُفْرد بِشَرْط التَّرْكِيب، وَالْحجّة (لنا أَنَّهُمَا) أَي الْيَد وَالْقطع (لُغَة) موضوعان (لجملتها) أَي الْيَد من رُءُوس الْأَصَابِع (إِلَى الْمنْكب) وَهُوَ مجمع رَأس الْكَتف والعضد (والأبانة) وَهِي فصل الْمُتَّصِل (قَالُوا) أَي المجملون (يُقَال) الْيَد (للْكُلّ و) يُقَال للجزء مِنْهَا من رُءُوس الْأَصَابِع (إِلَى الْكُوع) وَهُوَ طرف الزند الَّذِي يَلِي الْإِبْهَام (و) يُقَال (الْقطع للإبانة وَالْجرْح) وَهُوَ شقّ الْعُضْو من غير إبانة لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ (وَالْأَصْل) فِي اسْتِعْمَال اللَّفْظ (الْحَقِيقَة) فَهُوَ حَقِيقَة فِي كل مِنْهُمَا وَلَا مُرَجّح
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute