الله تَعَالَى قد أحل لكم فِيهِ الْكَلَام، فَمن تكلم فَلَا يتَكَلَّم إِلَّا بِخَير، وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد حمل الشَّارِع لفظ الصَّلَاة الْمَوْضُوع شرعا للأركان الْمَخْصُوصَة على الطّواف الْمَوْضُوع شرعا للأشراط الْمَخْصُوصَة وَلَا اتِّحَاد بَينهمَا، فاحتيج إِلَى أَن يصرف عَن الظَّاهِر، وَحمل على أَنه كَالصَّلَاةِ فاحتجنا إِلَى بَيَان وَجه الشّبَه، وَله وَجْهَان، فَأَشَارَ إِلَيْهِمَا بقوله (تصح) فِي وَجه الشّبَه أَن يكون الْمَعْنى كَونهَا مثلهَا (ثَوابًا أَو لاشْتِرَاط الطَّهَارَة) عطف على ثَوابًا لكَونه معلولا لَهُ للشبيه الْمَفْهُوم من فحوى الْكَلَام: أَي شبه للثَّواب: أَي الْمُشَاركَة فِيهِ، أَو للمشاركة فِي اشْتِرَاط الطَّهَارَة، فَقَوله تصح إِلَى آخِره مستأنفة لبَيَان المحملين (وَهُوَ) أَن الْمحمل على أحد الْأَمريْنِ: الثَّوَاب أَو الِاشْتِرَاط هُوَ الْمحمل (الشَّرْعِيّ) لِأَن حَاصله يرجع إِلَى بَيَان حكم شَرْعِي، أَو لِأَن الملحوظ فيهمَا المعنيان الشرعيان (أَو لوُقُوع الدُّعَاء فِيهِ) أَي فِي الطّواف وَالدُّعَاء هُوَ معنى الصَّلَاة لُغَة فالمشبه حِينَئِذٍ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيّ والمشبه بِهِ مَا صدق عَلَيْهِ بِالْمَعْنَى اللّغَوِيّ، وَوجه الشّبَه اشْتِمَال كل مِنْهُمَا على الدُّعَاء وَإِن كَانَ فِي أَحدهمَا من قبيل اشْتِمَال الظّرْف على المظروف، وَفِي الآخر من قبيل الْفَرد على الطبيعة (وَهُوَ) أَي الْحمل على هَذَا الْمَعْنى هُوَ الْمحمل (اللّغَوِيّ) لبنائه على الْمَعْنى اللّغَوِيّ، أَو لِأَن فَائِدَة الْخطاب حِينَئِذٍ لَيست بَيَان حكم شَرْعِي، بل مُجَرّد اشتمالهما على الدُّعَاء وَهِي مِمَّا يفاد فِي المحاورات اللُّغَوِيَّة، وَلَا يخفى مَا فِيهِ (والاثنان جمَاعَة) معطوفة على قَوْله الطّواف صَلَاة: أَي الِاثْنَان كالجماعة، يَصح أَن يكون من حَيْثُ الثَّوَاب مثلهَا (فِي) مِقْدَار (ثَوَابهَا و) فِي (سنة تقدم الامام) إِضَافَة سنة بَيَانِيَّة، وإذافة تقدم إِضَافَة الْمصدر إِلَى الْفَاعِل (و) فِي (الْمِيرَاث) حَتَّى يحجب الِاثْنَان من الْأُخوة للْأُم من الثُّلُث إِلَى السُّدس كالثلاثة فَصَاعِدا، وَهَذَا هُوَ الشَّرْعِيّ (أَو يصدق) عَلَيْهِ مَفْهُوم الْجَمَاعَة (عَلَيْهِمَا) أَي الِاثْنَيْنِ (لُغَة) أَي بِاعْتِبَار الْمَعْنى اللّغَوِيّ، فَقَوله أَو يصدق مَعْطُوف على مجرور فِي، لِأَنَّهُ فِي تَأْوِيل الْمصدر، وَالْمعْنَى أَو فِي صدقه عَلَيْهِمَا صدقا بِحَسب اللُّغَة، وَالْحجّة (لنا) فِي نفي الْإِجْمَال مُطلقًا (عرفه) النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا هُوَ الْمُعْتَاد مِنْهُ (تَعْرِيف الْأَحْكَام) الشَّرْعِيَّة وتبينها، فالمحمل الشَّرْعِيّ على طبقه دون الْمحمل اللّغَوِيّ فَيتَعَيَّن، فَلَا إِجْمَال (وَأَيْضًا لم يبْعَث) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لتعريف اللُّغَة) فَبعد حمل كَلَامه عَلَيْهِ ومرجع الْمحمل اللّغَوِيّ، وَهُوَ كَون الطّواف صَلَاة لوُقُوع الدُّعَاء فِيهِ، وَكَون الِاثْنَيْنِ جمَاعَة لصدقه عَلَيْهِمَا تَعْرِيف بِهِ، وَبَيَان اللُّغَة الصَّلَاة من حَيْثُ إِنَّهَا تصدق على الطّواف من حَيْثُ اشتماله على الدُّعَاء، وللغة الْجَمَاعَة من حَيْثُ إِنَّهَا تصدق على الِاثْنَيْنِ (قَالُوا) أَي المجملون (يصلح) اللَّفْظ (لَهما) أَي للمحمل الشَّرْعِيّ واللغوي لِأَنَّهُ هُوَ الْمَفْرُوض، وَلم يَتَّضِح دلَالَته على أَحدهمَا لعدم الدَّلِيل، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (وَلَا معرف) لأَحَدهمَا بِعَيْنِه (قُلْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute