للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعد التَّأَمُّل، فبالنظر إِلَى تِلْكَ الدّلَالَة تَخْصِيص (فَلَا شكّ) فِيمَا قُلْنَا من أَنه تَخْصِيص بِنَاء (على) اصْطِلَاح (الشَّافِعِيَّة) فَإِن قصر الْعَام على بعض مُسَمَّاهُ تَخْصِيص عِنْدهم سَوَاء كَانَ بِمُتَّصِل أَو بمنفصل مُسْتَقل أَو غير مُسْتَقل (وَأما الْحَنَفِيَّة فَهُوَ) أَي مثل: بل رجلَانِ عِنْدهم (كالمتصل) أَي كالمستثنى الْمُتَّصِل أَو الْمَعْنى، وَأما على اصْطِلَاح الْحَنَفِيَّة فَهُوَ كالمتصل (والتخصيص) عِنْدهم إِنَّمَا يكون (بمستقل) فِي التَّلْوِيح: قصر الْعَام على بعض مَا يتَنَاوَلهُ تَخْصِيص عِنْد الشَّافِعِيَّة، وَأما عِنْد الْحَنَفِيَّة فَفِيهِ تَفْصِيل، وَهُوَ أَنه إِمَّا أَن يكون بِغَيْر مُسْتَقل، أَو بمستقل، وَالْأول لَيْسَ بتخصيص، بل إِن كَانَ بألا وَأَخَوَاتهَا اسْتثِْنَاء، وَإِلَّا فَإِن كَانَ بِأَن وَمَا يُؤدى مؤداها بِشَرْط، وَإِلَّا فَإِن كَانَ بإلى وَمَا يُفِيد مَعْنَاهَا فغاية وَإِلَّا فصيغة. وَالثَّانِي هُوَ التَّخْصِيص سَوَاء كَانَ بِدلَالَة اللَّفْظ، أَو الْعقل، أَو الْحس، أَو الْعَادة، أَو نُقْصَان بعض الْأَفْرَاد، أَو زِيَادَته، وَفسّر غير المستقل بِكَلَام يتَعَلَّق بصدر الْكَلَام وَلَا يكون تَاما بِنَفسِهِ انْتهى (قَالُوا) أَي الْقَائِلُونَ بِأَن الصِّيَغ الْمَذْكُورَة مَوْضُوعَة للخصوص على (الْخُصُوص) أَي الْمَعْنى الْمَذْكُور اعْتِبَاره يُسمى اللَّفْظ خَاصّا، وَهُوَ هَهُنَا نفس الْمَاهِيّة من غير اعْتِبَار عدد مَعهَا من حَيْثُ تحققها فِي ضمن الْأَفْرَاد (مُتَيَقن) لوُجُوده فِي الصِّيَغ الْمَذْكُورَة بِاتِّفَاق الْكل، فَإِن الِاخْتِلَاف فِي كَونه حِين مُسَمّى اللَّفْظ وجزئه يكون اللَّفْظ

مَوْضُوعا لَهُ مَعَ وصف الْعُمُوم (فَيجب) كَونه مُسَمّى لتعينه (وينفى الْمُحْتَمل) أَي الْعُمُوم لِأَنَّهُ مُشْتَرك الْوُجُود (وَأجِيب بِأَنَّهُ) أَي الِاسْتِدْلَال الْمَذْكُور (إِثْبَات اللُّغَة بالترجيح) أَي بترجيح معنى على غَيره، وَهُوَ لَا يجوز كَمَا لَا يجوز إِثْبَاتهَا بِالْقِيَاسِ لِأَنَّهَا لَا تثبت إِلَّا بِالنَّقْلِ كَمَا مر (وَبِأَن الْعُمُوم أرجح) من الْخُصُوص (للِاحْتِيَاط) لِأَن فِي اعْتِبَار الْخُصُوص دون الْعُمُوم مَعَ احْتِمَال كَونه مرَادا للشارع تضعيفا لأمر يحْتَمل أَن يكون حكما شَرْعِيًّا فِي نفس الْأَمر (وَفِي هَذَا) الْجَواب (إِثْبَاتهَا) أَي اللُّغَة (بالترجيح مَعَ أَن الِاحْتِيَاط) الَّذِي جعل مرجحا (لَا يسْتَمر) أَي لَا يتَحَقَّق فِي جَمِيع الْموَاد، بل فِي بَعْضهَا كالإباحة، والرخص: الِاحْتِيَاط فِي عدم الْحمل على الْعُمُوم (بل الْجَواب) الْحسن أَن يُقَال (لَا احْتِمَال) لعدم الْوُجُود (بعد مَا ذكرنَا) من أَدِلَّة الْعُمُوم (وَأما استدلالهم) أَي الْقَائِلين بِالْوَضْعِ للخصوص بِمَا ينْسب إِلَى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا (مَا من عَام إِلَّا وَقد خص، ففرع دعوانا) أَن وَضعهَا للْعُمُوم فِي الأَصْل، والتخصيص لأسباب ودواع (الِاشْتِرَاك) أَي دَلِيل الِاشْتِرَاك قَوْلهم (ثَبت الْإِطْلَاق) أَي إِطْلَاق الصِّيَغ الْمَذْكُورَة على الْعُمُوم وَالْخُصُوص (وَالْأَصْل) فِي الاطلاق (الْحَقِيقَة، وَالْجَوَاب لَو لم يثبت بِمَا ذكرنَا) من أَدِلَّة الْعُمُوم لَكَانَ الْأَمر كَمَا ذكرْتُمْ لكنه ثَابت. قَالَ (الْمفصل) وَقد عرفت تَفْصِيله فِي صدر المبحث انْعَقَد (الْإِجْمَاع على عُمُوم التَّكْلِيف) وشموله جَمِيع

<<  <  ج: ص:  >  >>