كل عَالم جمعا وَتَفْرِيقًا) فَلَا يَحْنَث بمجالسته الْعَالمين أَو الْعلمَاء كَمَا لَا يَحْنَث بمجالسة عَالم وَاحِد، وَهَذَا بِخِلَاف (وَوَاللَّه لَا أجالس إِلَّا رجلا غير مُقَيّد) بِصفة عَامَّة (يَحْنَث برجلَيْن، قيل الْفرق) بَين هَاتين المسئلتين (أَن الِاسْتِثْنَاء بِمَا يصدق على الشَّخْص) الْوَاحِد (لَا يتَنَاوَل إِلَّا وَاحِدًا) لِأَن الْمُسْتَثْنى مِنْهُ مُسْتَغْرق جَمِيع مَا يصلح لَهُ فَلَا يحكم بِخُرُوج شَيْء مِنْهُ إِلَّا بِقدر مَا يَقْتَضِيهِ الِاسْتِثْنَاء، وَمُقْتَضَاهُ أدنى مَا ينْطَلق عَلَيْهِ الِاسْم الْمُسْتَثْنى (فَإِذا وصف) الِاسْم النكرَة الْمُسْتَثْنى (بعام ظهر الْقَصْد إِلَى وحدة النَّوْع) كَانَ قبل الْوَصْف يحمل الْوحدَة على وحدة الشَّخْص، فصرف الْوَصْف الْعَام عَن وحدة إِلَى وحدة، وَقيل يَنْبَغِي أَن يُقَال وصف عَام لَا يزاحمه وصف يُنَافِي الْعُمُوم، نَحْو: لَا أكلم إِلَّا رجلا كوفيا وَاحِدًا فَإِنَّهُ يمْتَنع فِيهِ الْعُمُوم، وَتَركه المُصَنّف لظُهُوره (وَزِيَادَة) قيد آخر على الْوَصْف الْعَام كَمَا فِي التَّلْوِيح، وَهُوَ (بِقَرِينَة كَونه) أَي الْوَصْف (مِمَّا يَصح تَعْلِيل الحكم بِهِ نقص) خبر زِيَادَة وَلَا يخفى لطفه، بل الصَّوَاب أَن لَا يُزَاد، لِأَن هَذَا الحكم بِعَيْنِه ثَابت فِيمَا لَو قَالَ: لَا أجالس إِلَّا جَاهِلا مَعَ أَنه لَا يصلح التَّعْلِيل بِهِ عِنْد الْعقل (وَحَاصِله) أَي حَاصِل اسْتِعْمَالهَا فِي غير النَّفْي (أَنَّهَا فِي الْإِثْبَات تعم بِقَرِينَة لَا تَنْحَصِر فِي الْوَصْف) صفة للقرينة أَو اسْتِئْنَاف لبيانها (بل يكثر) أَي يكثر تحققها فِي ضمن الْوَصْف (وَقد يظْهر عمومها من الْمقَام وَغَيره: كعلمت نفس، وَتَمْرَة خير من جَرَادَة) فَإِن الْمقَام قرينَة على أَنه لَيْسَ علم النَّفس بِمَا قدمت وأخرت أمرا يخْتَص بِأحد دون أحد، وَكَذَا: خيريه تَمْرَة، وَهُوَ أثر رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن عمر وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم (وَأكْرم كل رجل) وَهَذَا مِثَال لغير الْمقَام، وَهُوَ لفظ كل (و) أكْرم (رجلا لَا امْرَأَة) فَإِن نفى الْمَرْأَة فِي الْمُقَابلَة يدل على أَن الْإِكْرَام مَنُوط بِوَصْف الرجلية أَيْنَمَا وجد، والتخصيص بِالْبَعْضِ تَرْجِيح بِلَا مُرَجّح (وَهِي) أَي النكرَة (فِي غير هَذِه) الْمَوَاضِع (مُطلقَة) أَي دَالَّة على فَرد غير معِين على سَبِيل الْبَدَل كَأَن الله يَأْمُركُمْ أَن تذبحوا بقرة كَمَا يقتضية الْوَضع لَا تعرض فِيهَا لعُمُوم وَلَا خُصُوص (وَمن فروعها إِعَادَتهَا) أَي مِمَّا يفرع على النكرَة أَحْكَام إِعَادَتهَا معرفَة: أَي ونكرة (وَكَذَا الْمعرفَة) أَي من فروعها إِعَادَتهَا معرفَة ونكرة، فَالْمُرَاد بِالْإِعَادَةِ تَكْرِير اللَّفْظ الأول إِمَّا مَعَ كَيْفيَّة من التَّعْرِيف والتنكير أَو بِدُونِهَا (وَيلْزم كَون تَعْرِيفهَا) أَي تَعْرِيف الْمعرفَة (بِاللَّامِ أَو الْإِضَافَة فِي إِعَادَتهَا) أَي فِي إِعَادَة تِلْكَ الْمعرفَة (نكرَة) مفعول للإعادة. قَالَ الشَّارِح وَفِي إِعَادَة النكرَة معرفَة أَيْضا، ثمَّ الْأَقْسَام الممكنة أَرْبَعَة: إِعَادَة الْمعرفَة معرفَة، والنكرة نكرَة، والمعرفة نكرَة، وَعَكسه (وَضَابِط الْأَقْسَام) بِاعْتِبَار الْأَحْكَام أَن يُقَال (أَن نكر الثَّانِي فَغير الأول) أَي فَالْمُرَاد بِالثَّانِي غير المُرَاد بِالْأولِ، وَإِلَّا لَكَانَ الْمُنَاسب تَعْرِيفه بِاللَّامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute